للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتأمل قوله تعالى: {قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل} وقوله سبحانه: {قد جاءكم رسل من قبلى بالبينات وبالذى قلتم فلم قتلتموهم} إن الخطاب فى هاتين الآيتين موجه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمره ربه عز وجل إلى قتلة الأنبياء والمرسلين من بنى إسرائيل، وتحدى لهم بأوضح بيان، بأنهم وإن وقع منهم قتل الأنبياء من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله تعالى، فهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما حاولوا قتله، فلم ولن يفلحوا، لأن الله عز وجل عصم بدنه الشريف من القتل، كما عصم قلبه وعقله وَخُلُقَه من كل ما يمسهم بسوء، وخصوصية عصمة بدنه الشريف من القتل مستفادة من الآيتين السابقتين فى تكرار قوله: "من قبل" و"من قبلى" فتأمل.

وقال عز وجل: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} (١) .

روى عن عائشة رضى الله عنها قالت: "كان النبى صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية: {والله يعصمك من الناس} فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال لهم: "يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمنى ربى عز وجل" (٢) وهذه الآية الكريمة، وإن كانت مدنية النزول على قول الأكثرين من المفسرين، إلا أنها لا تعنى أن خصوصية عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بدنه من القتل لم تكن إلا بعد الهجرة النبوية، كلا! لما يلى:


(١) الآية ٦٧ المائدة.
(٢) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب تفسير القرآن، باب سورة المائدة ٥/٢٣٤ رقم ٣٠٤٦ وقال: حديث غريب، وحسنه الحافظ فى فتح البارى ٦/٩٦ رقم ٢٨٨٥، وقال: اختلف فى رفعه ووقفه، وأخرجه الحاكم فى المستدرك ٢/٣٤٢ رقم ٣٢٢١ وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبى، والبيهقى فى دلائل النبوة ٢/١٨٤، وأبو نعيم فى دلائل النبوة ١/١٩٨ رقم ١٥١ من حديث أبى ذر الغفارى رضى الله عنه.

<<  <   >  >>