فتأمل ما فى الروايات السابقة من عصمة المولى عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم من محاولات قتله التى همَّ بها كفار قريش، فرادى تارة، وجماعات تارة أخرى، والتى كان آخرها جماعة فى مكة، ليلة هجرته إلى المدينة المنورة، حيث رد كيدهم إلى نحورهم، وعادوا إلى ديارهم، كحالهم فى كل مرة يجرون أذيال خزى الله عز وجل لهم.
هذا ولم تكن عصمة المولى عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم فى ليلة الهجرة قاصرة على نجاته من بين أيدى صناديد الكفر فى مكة، وإنما امتدت عنايته عز وجل ورعايته لرسوله صلى الله عليه وسلم، وهو فى طريقه إلى المدينة، وفى غار ثور، كما جاء فى الحديث السابق، من نسج العنكبوت على باب الغار، فكان قولهم:"لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه".
ولم تكن عصمة الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم فى غار ثور، قاصرة على العنكبوت، وإنما امتدت إلى الشجرة التى أنبتها الله عز وجل على فهم الغار، تستر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه رضى الله عنه، وإلى حمامتين وحشيتين وقفتا على فم الغار.