للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الحديث على غرابة سنده، فلا غرابة فى متنه، وما فيه قليل فى كرامته صلى الله عليه وسلم، وجائز فى العقل، مؤيد بمطلق قوله تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم} (١) فتأمل ما فى الآية الكريمة من نسبة نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل، وتأييده صلى الله عليه وسلم بجنود لا يراها أحد، تجد أنه لا يوجد ما يمنع أن يكون ما ورد فى الحديث الغريب السند من الحمامتين الوحشيتين، والشجرة، والعنكبوت من جنود الله تعالى!!

وامتدت عصمة الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم فى غار ثور إلى أمره عز وجل ملائكته أن تستر نبيه وصاحبه عن أعين المشركين، فكان صلى الله عليه وسلم وصحابه يريان المشركين، والمشركون لا يرونهما.

فعن أبى بكر رضى الله عنه قال: "كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى الغار، فرأيت آثار المشركين، قلت يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا، قال صلى الله عليه وسلم: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" (٢) "لا تحزن إن الله معنا" (٣) وهذا اليقين من النبى صلى الله عليه وسلم بعصمة الله عز وجل له، تجلى فى ملائكة الله عز وجل التى سترتهم وهم فى الغار.


(١) الآية ٤٠ التوبة.
(٢) أخرجه البخارى ٠بشرح فتح البارى) كتاب التفسير، باب ثانى اثنين إذ هما فى الغار ٨/١٧٦، ١٧٧ رقم ٤٦٦٣.
(٣) جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزهد، باب حديث الهجرة ٩/٣٧٣ رقم ٢٠٠٩.

<<  <   >  >>