قوله تعالى:{يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا}(١) .
إن فى تلك الآية الكريمة يمتن رب العزة على نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم بعصمته من مؤامرة نفراً من المنافقين هموا بقتله صلى الله عليه وسلم، وهو عائد من تبوك فى طريقه إلى المدينة، بطرحه من فوق عقبة فى الطريق، وقد جمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر منافقاً، وأخبرهم بقولهم، وبما هموا به من قتله، ولكنهم حلفوا بالله ما قالوا، وتركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجاوز عنهم، حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه، بعد أن أظهره الله عز وجل على أعداءه، ولكن مع ذلك لحقتهم لعنة الله فى الدنيا، وموتهم شر ميتة بالدبيلة، وفى الآخرة لهم عذاب جهنم، جزاء نفاقهم وما همو به من قتله صلى الله عليه وسلم، ولم ينالوا ذلك لعصمة رب العزة له صلى الله عليه وسلم.
وبعد: فما ذكر من هذه النماذج الصحيحة فى عصمته صلى الله عليه وسلم من القتل، غنىٌ عن غيره مما لم يذكر من الصحيح، أو ورد ضعيفاً.
وإذا تقرر هنا فى هذا الفصل تفصيل دلائل عصمته صلى الله عليه وسلم فى عقله وبدنه من خلال القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والسيرة العطرة، فقد حان الآن بيان شبهات الطاعنين فى سلامة عقله وبدنه والرد عليها، فإلى تفصيل ذلك فى الفصل التالى.
(١) الآية ٧٤ التوبة، وسبب النزول، أخرجه البيهقى فى دلائل النبوة ٥/٢٥٨، ٢٥٩، عن ابن إسحاق، ونقله عنه ابن كثير فى البداية والنهاية ٥/١٨.