للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضلال بمعنى المحبة فى نحو قوله عز وجل على لسان أولاد سيدنا يعقوب: {إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين} (١) أى فى حب مبين ليوسف، وهو المشار إليه فى قوله تعالى على لسانهم أيضاً: {قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم} (٢) وكذلك قوله سبحانه على لسان نسوة المدينة: {وقال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها فى ضلال مبين} (٣) أى حب مبين ليوسف عليه السلام.

ولما كان الضلال فى لسان أهل اللغة: العدول عن الطريق المستقيم، وضده الهداية، كان كل عدول ضلال، سواء كان عمداً أو سهواً، يسيراً كان أو كثيراً، ومن هنا صح أن يستعمل لفظ الضلال ممن يكون منه خطأ ما، ولذلك نسب الضلال إلى الأنبياء، وإلى الكفار، وإن كان بين الضلالين بون بعيد (٤) .

وعلى الوجهين الثالث والرابع تفسر آية: {ووجدك ضالاً فهدى} ونحوها، ويكون المعنى على الوجه الرابع: ووجدك محباً للهداية فهداك إليها، ويشهد لصحة هذا الوجه والتأويل ما يلى:

أ- ما صح من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، وتحنثه فى غار حراء طلباً للهداية، حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بالوحي (٥) .

ب- أن من أسماء المحبة عند العرب "الضلال" قال الشاعر:

هذا الضلال أشاب منى المفرقا ... *** ... والعارضين ولم أكن متحققا

عجباً لعزة فى اختيار قطيعتى ... *** ... بعد الضلال فحبلها قد أخلفا (٦) .


(١) الآية ٨ يوسف.
(٢) الآية ٩٥ يوسف.
(٣) الآية ٣٠ يوسف.
(٤) ينظر: معجم مفردات ألفاظ القرآن للأصفهانى ص٣٣٣، ٣٣٤، وتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص٤٥٧.
(٥) ينظر: حديث تحنثه فى غار حراء فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب بدء الوحي ١/٣٠ رقم ٣.
(٦) الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ٢٠/ ٩٧.

<<  <   >  >>