للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به سيرته العطرة، على ما سبق تفصيله فى مبحثى الفصل الأول دلائل عصمته فى عقله وبدنه من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ كما شهد رب العزة بعصمته من الضلال بعد نبوته فى قوله تعالى: {ما ضل صاحبكم وما غوى} (١) مع تأكيد النفى بالقسم بقوله عز وجل: {والنجم إذا هوى} (٢) .

... وتأمل دلالة كلمة "صاحبكم" فى قوله {ما ضل صاحبكم وما غوى} ولم يقل: محمد، أو رسول الله، أو نحو ذلك. تأكيداً لإقامة الحجة على المشركين بأنه صاحبهم، وهم أعلم الخلق به، وبحاله، وأقواله، وأعماله، منذ نشأته بينهم بالأمانة، والصدق ورجاحة العقل، والخلق القويم، وأنهم لا يعرفونه بكذب، ولا غى، ولا ضلال فى العقيدة أو الأخلاق، وبالجملة: لا ينقمون عليه أمراً واحداً قط، وقد نبه الله تعالى على هذا المعنى بقوله عز وجل: {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون} (٣) وقال سبحانه: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون} (٤) .

... هذا وفى القسم بالنجم، إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم يهتدى به كما يهتدى بالنجم، ومن يهتدى به، وحث رب العزة على الاقتداء به، يستحيل فى حقه الضلال.

... إن الآية الكريمة {ما ضل صاحبكم وما غوى} مسوقة لتبرئته صلى الله عليه وسلم مما رماه به المشركون قديماً من الضلال والغى، وهى أيضاً مسوقة لتبرئته صلى الله عليه وسلم مما رماه به أذيالهم حديثاً من تفسير الضلال والغفلة، بالكفر والفساد. فوجب أن يكون النفى عاماً فى الضلال والغى قبل النبوة وبعدها.

... وهو ما يدل عليه اللفظ العربى، ويقتضيه سياق الآية، إذ من المعلوم فى اللفظ العربى أن الفعل إذا ما وقع فى سياق النفى أو الشرط، دل على العموم وضعاً بلا نزاع.


(١) الآية ٢ النجم.
(٢) الآية الأولى النجم.
(٣) الآية ١٦ يونس.
(٤) الآية ٦٩ المؤمنون، وينظر: شرح الزرقانى على المواهب ٨/٤٥٧ بتصرف.

<<  <   >  >>