للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبوتية وهى لا تتناهى أشار إليها رب العزة بقوله تعالى: {ويتم نعمته عليك} (١) وجميع النعم الدنيوية شيئان أيضاً:

دينية أشار إليها بقوله تعالى: {ويهديك صراطاً مستقيماً} (٢) أى يثبتك على دين الإسلام.

ودنيوية وهى قوله تعالى: {وينصرك الله نصراً عزيزاً} (٣) أى نصراً لا ذل معه وقدم النعم الأخروية على الدنيوية، وقدم فى الدنيوية الدينية على غيرها تقديماً للأهم فالأهم فانتظم بذلك تعظيم قدر النبى صلى الله عليه وسلم بإتمام أنواع نعم الله عليه المتفرقة فى غيره، ولهذا جعل ذلك غاية للفتح المبين الذى عظمه وفخمه بإسناده إليه بنون العظمة، وجعله خاصاً بالنبى صلى الله عليه وسلم بقوله "لك" (٤) فهل يعقل فى مقام المنَّة هذا، أن يكون المراد بالذنب والوزر ظاهرهما؟!

ثانياً: إن هذه الألفاظ التى يتعارض ظاهرها مع العصمة تحتمل وجوهاً من التأويل:

تخريجها على مقتضى اللغة بما يناسب سياقها فى الآيات، فالوزر فى أصل اللغة الحمل والثقل (٥) قال تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها} (٦) أى أثقالها، وإنما سميت الذنوب بأنها أوزاراً لأنها تثقل كاسبها وحاملها، وإذا كان الوزر ما ذكرناه، فكل شئ أثقل الإنسان وغمه وكده، وجهده، جاز أن يسمى وزراً، تشبيهاً بالوزر الذى هو الثقل الحقيقى.


(١) جزء من الآية ٢ الفتح.
(٢) جزء من الآية ٢ الفتح.
(٣) الآية ٣ الفتح.
(٤) ينظر: المواهب اللدنية وشرحها للزرقانى ٩/١٩، ٢٠، والخصائص الكبرى للسيوطى ٢/٤٤٩، ٤٥٠، والشفا ١/٤٨، ٤٩، وعصمة الأنبياء للرازى ص١٠٩.
(٥) ينظر: النهاية فى غريب الحديث ٥/١٥٦، ومعجم مفردات ألفاظ القرآن ص٥٩٣.
(٦) جزء من الآية ٤ محمد.

<<  <   >  >>