للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وهذه التعريفات وإن اختلفت مناحيها فى التعبير، وتنوعت جوانب تناولها لمعنى عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنها جميعها تنتهى إلى حفظ الله تعالى إياهم من مواقعة الذنوب والمخالفات بعد البعثة باتفاق المحققين المحقين، وقبل البعثة على التحقيق.

... ولعل من أحسن التعريفات للعصمة وأسلمها ما ذكره صاحب كتاب نسيم الرياض فى شرح الشفا للقاضى عياض بأنها: "لطف من الله تعالى يحمل النبى على فعل الخير، ويزجره عن الشر مع بقاء الاختيار تحقيقاً للابتلاء" (١) ومن المستحسن فى تعريفها أيضاً من قال: "هى حفظ الله عز وجل للأنبياء بواطنهم وظواهرهم من التلبس بمنهى عنه، ولو نهى كراهة ولو فى حال الصغر مع بقاء الاختيار تحقيقاً للابتلاء (٢) .

... إن العصمة تعنى حفظ الله تعالى لأنبيائه عن مواقعة الذنوب الظاهرة والباطنة، وأن العناية الإلهية لم تنفك عنهم فى كل أطوار حياتهم قبل النبوة وبعدها، على ما هو المعتمد كما سيأتى تحقيقه، فهى محيطة بهم تحرسهم من الوقوع فى منهى عنه شرعاً أو عقلاً، وصدق القائل حين قال:

وإذا العناية لاحظتك عيونها ... *** ... نم فالمخاوف كلهن أمان


(١) نسم الرياض فى شرح الشفا للقاضى عياض ٤/٣٩، وينظر: التعريفات للجرجانى ص١٥٠، ومعجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهانى ص٣٧٧، وفتح البارى ١١/ ٥١٠ رقم ٦٦١١، وشرح العقائد للسعد التفتازانى ١/٢٠٠، وشرح المواقف للجرجانى ٨/٢٨٠، ٢٨١، والمسامرة بشرح المسايرة لكمال بن الهمام ص٢٢٧، والنفحات الشذية فيما يتعلق بالعصمة والسنة النبوية لمحمد الطاهر الحامدى ص١٨ – ٢٠.
(٢) شرح الخريدة مع حاشية الصاوى للدردير ص١٠٤ بتصرف، وينظر: إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد بهامش حاشية محمد الأمير على جوهرة التوحيد ص١١٤.

<<  <   >  >>