للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فقد وصفته خديجة رضى الله عنها بقولها: "إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل (١) وتُكسب (٢) المعدوم، وتقرى الضيق، وتعين على نوائب الحق" (٣) فهى تصفه بهذه الصفات البالغة عظمة وخطورة، التى كان عليها قبل بعثته ورسالته، ولم يكن قد تحمل أعباء أمته، ولا قد أضفت عليه النبوة زيادة كمال وعظمة، فكيف به بعد ذلك كله؟! لا جرم أن كرمه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك سيكون بالغاً ذروة الذرى فى كرم الأنبياء وسائر البشر، وهو ما دلت عليه الدلائل النقلية الكثيرة منها ما روى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال: لا" (٤) وهو ما يؤكد ما سبق من أن رب العزة يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بما شاء، وإن استحال عليه تركه، وَمَنْ عِنْدَهُ خلاف ذلك فليأتنا به؟!


(١) هو الثقل من كل ما يتكلف من عيال ونحوهم. النهاية فى غريب الحديث ٤/١٩٨.
(٢) بضم أوله، وكسر ثانيه، كما هى إحدى روايات الحديث، وهو الأوجه فى ضبطها كما رجحه النووى فى شرح مسلم ١/٤٨١ رقم ٢٥٢، ومعناها: تعطى الناس مالا يجدونه عند غيرك.
(٣) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب بدء الوحي ١/٣٠١ رقم ٣، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ١/٤٧٤ رقم ٢٥٢.
(٤) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل ١٠/٤٧٠ رقم ٦٠٣٤، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط، فقال: لا ٨/ ٧٩ رقم ٢٣١١.

<<  <   >  >>