للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الحديث ليس فيه ذكر لتسلط الشيطان عليه صلى الله عليه وسلم، ولا وسوسته له، ولا يصح الطعن فى عصمة النبى صلى الله عليه وسلم بمقتضى ظاهر هذا الحديث، لأنه صلى الله عليه وسلم بين على من تسلط الشيطان بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان أتى بلالاً، وهو قائم يصلى، فأضجعه، فلم يزل يهدئه (١) كما يهدأ الصبى حتى نام" (٢) ، فظهر من ذلك أن تسلط الشيطان فى ذلك الوادى، إنما كان على بلال الموكل بمراقبة طلوع الفجر ليوقظهم، كما جاء فى حديث أبى هريرة السابق، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر، سار ليلة، حتى إذا أدركه الكرى (٣) عرس (٤) وقال لبلال: "اكلأ (٥) لنا الليل" فصلى بلال ما قدر له، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فلما تقارب الفجر، استند بلال إلى راحلته مواجهة الفجر، فغلبت بلالاً عيناه، وهو مستند إلى راحلته. فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بلال، ولا أحد من أصحابه، حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً" (٦) .


(١) أى يسكنه وينومه، من هدأت الصبى إذا وضعت يدك عليه لينام، وروى "يهدهده" من هدهدت الأم ولدها لينام، أى حركته. ينظر: شرح الزرقانى على المواهب ٩/٣٦، والنهاية فى غريب الحديث ٥/٢١٩.
(٢) أخرجه مالك فى الأماكن السابقة نفسها.
(٣) الكرى: بفتح الكاف، النوم، وقيل: النعاس. النهاية فى غريب الحديث ٤/١٤٧.
(٤) التعريس: نزول المسافر آخر الليل، نزلة للنوم والاستراحة. المصدر السابق ٣/١٨٦.
(٥) أى راقب واحفظ واحرس لنا وقت الفجر لتوقظنا. المصدر نفسه ٤/١٦٨.
(٦) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب المساجد، باب قضاء الفائتة ٣/١٩٦ رقم ٦٨٠، وينظر: رواية أبى قتادة فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب مواقيت الصلاة، باب الآذان بعد ذهاب الوقت ٢/٧٩ رقم ٥٩٥.

<<  <   >  >>