للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقريب من الأول، من قال: إن القلب قد يحصل له السهو فى اليقظة لمصلحة التشريع، ففى النوم بطريق الأولى، أو على السواء (١) ويؤيد ذلك ما جاء فى رواية أبى قتادة رضى الله عنه (٢) قال: "فجعل بعضنا يهمس إلى بعض! ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا فى صلاتنا؟ ثم قال: أما لكم فِىَّ أُسوَةٌ؟ ثم قال: أما إنه ليس فى النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة، حتى يجئ وقت الصلاة الأخرى. فمن فعل ذلك فليصلها حتى ينتبه لها. فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها" (٣) .

والكلام فيما سبق من ظاهر تسلط الشيطان على بلال، موجه إلى أن جملة: "إن هذا وادٍ به شيطان" تنبيهاً على سبب النوم عن الصلاة، وهو تنويم الموكل بحراسة الوقت.

أما إن جعلنا جملة: "إن هذا واد به شيطان" تنبيهاً عن سبب الرحيل عن الوادى، وعلة لترك الصلاة به، على ما جاء فى رواية مالك فى الموطأ (٤) فلا اعتراض بهذا الحديث على عدم عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشيطان (٥) أهـ.

والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم


(١) قاله ابن المنير، ينظر: فتح البارى ١/٥٣٦ رقم ٣٤٤.
(٢) هو الحارث بن ربعى السلمى الأنصارى الخزرجى، صحابى جليل له ترجمة فى: أسد الغابة ٦/٢٤٤ رقم ٦١٧٣، والاستيعاب ٤/١٧٣١ رقم ٣١٣٠، وتاريخ الصحابة ص٦٩ رقم ٢٤١.
(٣) جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب المساجد، باب قضاء الفائتة ٣/١٩٧ رقم ٦٨١، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب مواقيت الصلاة، باب الأذان بعد ذهاب الوقت ٢/٧٩ رقم ٥٩٥.
(٤) فبعد قوله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا واد به شيطان" قال زيد بن أسلم: فركبوا حتى خرجوا من ذلك الواد، ثم أمرهم أن ينزلوا ويتوضئوا، وأمر بلالاً أن ينادى بالصلاة أو يقيم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس" الحديث أخرجه مالك فى الموطأ كتاب وقوت الصلاة، باب النوم عن الصلاة ١/٤٥ رقم ٢٦.
(٥) ينظر: شرح الزرقانى على المواهب ٩/٣٦، ٣٧، والشفا ٢/١٢٢.

<<  <   >  >>