للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. قلت: فى كلا الحالتين إسلامه وعدمه وقتئذ، فليس فى الآيات إثبات ذنب له صلى الله عليه وسلم، وإنما الذنب والمعصية ما فعله ابن أم مكتوم على ما سبق شرحه. وإن كان ثمَّ عتاب موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو بسبب عمى ابن أم مكتوم حيث استحق مزيداً من الرفق به، ولذا ذكره الله فى كتابه بوصفه المشتق من العمى، بيان لعذره فيما واجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم من تكرير القول عليه، وسبب فى أحقية التلطف به والعطف عليه، وأنه جاءه يسعى، أى يمشى مع عجزه، إشارة لذلك، وللصفح عنه (١) وبيان أن عجزه هذا مما له مدخل فى العتاب، الذى جاء بأحسن ما يكون بعدم التصريح بذكر الفاعل للفعلين الماضيين (عبس وتولى) تلطفاً برسول الله صلى الله عليه وسلم عن المفاجأة بهذا الخطاب المشعر بالشدة.

... وذهب البعض إلى أن المقصود بالآيات شخص آخر غير النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا يرده ما فى الآيات من قوله تعالى: {فأنت له تصدى} (٢) وقوله: {فأنت عنه تلهى} (٣) فإن ظاهره أن هذا التصدى والتلهى من قبل من يهمه هذا الدين، فيتصدى لهذا، ويتلهى عن ذلك!


(١) المواهب اللدنية للقسطلانى وشرحها للزرقانى ٩/٣٩، ٤٠، وقال بنحو قولهما ذلك من الشيعة الإمامية السيد الأمين فى كتابه الأعيان، وقال بقوله: هاشم معروف الحسينى فى كتابه سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ص١٩٣ قائلاً: "والذى أراه أن ما ذكره السيد الأمين مقبول ومعقول، ولا يتنافى مع مقام النبى صلى الله عليه وسلم ولا مع عصمته كما ذكره السيد رحمه الله" أهـ. قلت: وكفى بهذا رداً على من أنكر سبب نزول هذه الآيات ممن هو على مذهبهم. يراجع ص١٥٩.
(٢) الآية ٦ عبس.
(٣) الآية ١٠ عبس.

<<  <   >  >>