للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. أما ما ادعاه "درمنغم" من أن قصة شق الصدر لا تستند إلا إلى الآية الكريمة وأنه عمل روحى خالص، فإن الدليل ليس هو الآية فقط، وإنما الدليل على وقوع شق الصدر على جهة الحس، إنما هو الروايات المتواترة والمتكاثرة، التى ذخرت بها كتب السنة كما أسلفنا، وحسبك بمصدرها أحد الصحيحين (مسلم) فلا سبيل إلى التشكيك فى وقوع القصة بعدها، وخاصة أنها جاءت مؤكدة ومفسرة للآية الكريمة {ألم نشرح لك صدرك} (١) .

... وإن كانت دعوى المفكرين من المستشرقين، ومن لف لفهم من المسلمين، بأن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حياة إنسانية رفيعة، فلا معنى لمثل هذا الحادث بالنسبة له!! فإننا نقول لهم: إن الحياة الإنسانية الرفيعة لا تتعارض والمعجزات الحسية للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولماذا ينكر هذا على سيد ولد آدم، ولا ينكر على غيره ممن سبقه من الأنبياء ممن ظهرت على أيديهم خوارق العادات كموسى وعيسى عليهما السلام، ولم يقل أحد من أهل العلم إن ذلك كان مجافياً لحياتهما الإنسانية الرفيعة؟.

... وقصة شق الصدر لا تخالف العقل أيضاً من جهة كونها تمت دون إراقة دم، والتأمت دون آلات طبية، فإن العلم الحديث يؤيد ذلك ويصدقه، فقد اخترعت آلات للجراحة تجعل الجرح يلتئم بدون سيلان دم من جسم المريض، كما وجد بعض الأودية تمنع سيلان الدم بمجرد بثها على الجرح، والطبيب لا يدعى أنه يفعل الأشياء الخارقة، وإنما يعتقد أن ذلك قد تم بعلم مدروس له قواعده وأصوله. كيف وقد تم زرع بعض الأجسام المنقولة من ميت أو صحيح إلى آخر مريض، ويزاول حياته الطبيعية بعد أن برأ وعافاه الله وزال عنه المرض؟ وإذا جاز ذلك فى حق البشر وهو من جملة ما خلق الله عز وجل، أيستبعد ذلك على الخالق جل جلاله؟.


(١) الآية الأولى الشرح.

<<  <   >  >>