.. وهؤلاء الطاعنون بذلك أدخلوا أنفسهم فى ميدان هم ليسوا من فرسانه فحالفهم الخطأ، وخالفهم الصواب، لأن رواية قصة شق الصدر – كما عرفت آنفاً – رواها أئمة الحديث، وجهابذته العارفون بكل دقائقه، وما يتصل به من تمحيص المرويات، ودراسة أحوال رجالها، وما يتصل بذلك من قواعد علم الجرح والتعديل وغيرها. وأهل كل فن هم أعلم به من غيرهم! وقد ثبت صحة هذه القصة سنداً ومتناً، وأنها خالية من كل مطعن حسب قواعد علم الحديث وأصوله، مما يضطر العقل إلى قبولها والتسليم بها، وأحاديث شق الصدر رواها الخلف عن السلف فى كل الطبقات منذ حدوثها إلى الآن، وهذا هو المعول عليه فى قبول الحديث أو رده (١) وليس اتباع الهوى والغرض دون دليل أو برهان، وإذا ثبت ذلك فاعلم أنه لا يشذ عن الإقرار بحدوثها إلا كل مكابر يجافى الحق وأهله، وطرائق البحث الجاد المستقيم فى صادق الأخبار.
... أما قول الدكتور هيكل: إن الذى رأى الرجلين فى رواية كتاب السيرة إنما هو طفل لا يزيد على سنتين إلا قليلاً، وكذلك كانت سن محمد يومئذ.
(١) وليس الاعتماد على رواية ابن إسحاق فى السيرة النبوية، ووصفه بأنه حديث مضطرب السند، لا يؤخذ به، كما قال عبد الكريم الخطيب فى كتابه النبى محمد ص١٩٦؛ ومع ذلك فليست رواية ابن إسحاق التى اعتمد عليها عبد الكريم الخطيب مضطربة السند كما يزعم. فقد ساق ابن كثير فى تاريخه البداية والنهاية ٢/٢٥٦: إحدى روايات ابن إسحاق، وهى فى السيرة النبوية لابن هشام ١/٢١٥ رقم ١٦٢، وقال معقباً عليها "وهذا إسناد جيد قوى". وينظر اعتماد جعفر مرتضى العاملى فى كتابه الصحيح من سيرة النبى الأعظم ٢/٨٩، ٩٠ على رواية الأصفهانى فى كتابه الأغانى ٣/١٨٨ – ١٩٠ فى رده قصة شق الصدر!.