للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل (١) وتكسب المعدوم (٢) وتقرى الضيف، وتعين على نوائب (٣) الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزى – ابن عم خديجة – وكان امرءاً تنصر فى الجاهلية، فيكتب بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمى (٤) فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخى، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى. فقال له ورقة: هذا الناموس الذى نزل الله على موسى، يا ليتنى فيها جذعاً (٥) ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مخرجى هم؟ قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودى، وإن يدركنى يومك، أنصرك نصراً مؤزراً. ثم لم ينشب ورقة أن توفى، وفتر الوحي" (٦)


(١) بالفتح: الثقل من كل ما يتكلف، والكل: العيال، والمراد: من يستقل بأمره، كما قال الله تعالى: {وهو كل على مولاه} جزء من الآية ٧٦ النحل ينظر: النهاية ٤/١٧٢،وفتح البارى١/٣١ رقم ٣.
(٢) بضم أوله: هو الفقير، والمراد تعطى الناس مالا يجدونه عند غيرك. النهاية ٣/١٧٣.
(٣) النوائب: جمع نائبة، وهى الحادثة، وإنما قالت: نوائب الحق، لأن النائبة قد تكون فى الخير، وقد تكون فى الشر، وهى كلمة جامعة لما تقدم من أوصاف، ولغيرها.
(٤) مات قبل أن يؤمر رسول اللهصلى الله عليه وسلم بالبلاغ سنة١٢هـ له ترجمة فى: أسد الغابة ٥/٤١٦ رقم ٥٤٦٥.
(٥) يعنى: شاباً قوياً، حتى أبالغ فى نصرتك وحمايتك، وأصل الجذع: من أسنان الدواب، وهو ما كان منها شاباً قوياً، وهو هنا استعارة. ينظر: النهاية ١/٢٤٣.
(٦) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب بدء الوحي ١/٣٠، ٣١ رقم ٣، وفى كتاب التفسير، باب سورة العلق ٨/٥٨٥ رقم ٤٩٥٣، وأرقام ٤٩٥٥ – ٤٩٥٧ مختصراً، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ١/٤٧٤، ٤٧٥ رقم ٢٥٢، والحاكم فى المستدرك ٣/٢٠٢ رقم ٤٨٤٣، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولم يذكره الذهبى فى التلخيص، ولا يخفى أن الشيخين قد أخرجاه، ولكن من غير طريقه، وأحمد فى مسنده ٦/٢٢٣، والطيالسى فى مسنده ص٢٠٦ رقم ١٤٦٧، ص٢١٥، ٢١٦ رقم ١٥٣٩، وحسن إسناده الحافظ فى فتح البارى ١/٣٣ رقم ٣، قلت: فيه رجل مبهم قد سماه أبو نعيم فى دلائل النبوة ١/٢١٥ رقم ١٦٣ حيث أخرج الحديث عن أبى عمران عن (يزيد بن بابنوس) عن عائشة، وابن بابنوس هو الرجل المبهم فى سند الطيالسى، وهو حسن الحديث، ذكره ابن حبان فى ثقات التابعين ٥/٥٤٨، وقال ابن حجر: مقبول، أخرج له البخارى فى الأدب المفرد، وأبو داود والنسائى فى السنن، والترمذى فى الشمائل، ينظر: تهذيب التهذيب ١١/٣١٦، وتقريب التهذيب ٢/٣٢١ رقم ٧٧٢٢، والحديث أخرجه أيضاً ابن سعد فى الطبقات الكبرى ١/١٢٩، ١٣٠، وابن إسحاق (السيرة النبوية لابن هشام) ١/٣٠٢ – ٣٠٥ نصى رقم ٢٣٠ – ٢٣١.

<<  <   >  >>