للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. قلت: وفى كلا الحالتين العزم على الكتابة وتركها، سواء كان بالوحي، أو بالاجتهاد، فيه إقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأى عمر رضى الله عنه، فيأخذ حكم المرفوع المسند، وهو دليل على صحة موقف الصحابة رضى الله عنهم من اختلافهم فى الكتاب، مع صريح أمره صلى الله عليه وسلم.

... قال الإمام القرطبى (١) : "واختلاف الصحابة رضى الله عنهم، فى هذا الكتاب كاختلافهم فى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يصلين أحد العصر إلا فى بنى قريظة" (٢) فتخوف ناس فوات الوقت فصلوا، وتمسك آخرون بظاهر الأمر فلم يصلوا، فما عنف صلى الله عليه وسلم أحد منهم، من أجل الاجتهاد المسوغ، والمقصد الصالح" (٣) .

... وعلى ما سبق من اختلاف الصحابة رضى الله عنهم، فى فهم أمره صلى الله عليه وسلم، ثم إقراره صلى الله عليه وسلم لهذا الاختلاف فى فهمهم لأمره، يرد على زعم الرافضة، ومن قال بقولهم، فى أن اختلاف الصحابة، فى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتابة، سوء أدب منهم، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم!!.


(١) هو: محمد بن أحمد بن أبى بكر بن فرح الأنصارى، الخزرجى، المالكى، القرطبى، من كبار المفسرين، والمشهورين بالصلاح والتعبد، وله مؤلفات كثيرة عظيمة منها: تفسيره، جامع أحكام القرآن، وغيرها توفى سنة ٦٧١هـ له ترجمة فى: طبقات المفسرين للسيوطى ص٧٩ رقم ٨٨، وطبقات المفسرين للداودى ٢/٦٩ رقم ٤٣٤، والديباج المذهب ص٤٠٦ رقم ٥٤٩، وشجرة النور الزكية ١/١٩٧ رقم ٦٦٦.
(٢) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب المغازى، باب مرجع النبى صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ٧/٤٧١ رقم ٤١١٩، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الجهاد والسير، باب المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين ٦/٣٤٠ رقم ١٧٧٠ من حديث ابن عمر رضى الله عنهما.
(٣) فتح البارى ١/٢٥٢، ٢٥٣ رقم ١١٤.

<<  <   >  >>