للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وإذا كانت الآيات السابقة شهادات حسية على صدقه فى كل ما يبلغ عن ربه، فهناك شهادات معنوية على صدقه صلى الله عليه وسلم تتمثل فى تأييد الله عز وجل له صلى الله عليه وسلم بالمعجزات المنزلة منزلة قوله عز وجل: "صدق عبدى فيما يبلغ عنى" ومن هذه المعجزات: القرآن الكريم، وانشقاق القمر، وتسبيح الحصى، وحنين الجذع، وتكثير الطعام، والإخبار بمغيبات كثيرة (١) وتأييده له بالنصر على الأعداء، على قلة جنده وضعف عدته فى معركة إثر معركة، ولقاء بعد لقاء، وكل ذلك منزل منزلة قول مرسله تبارك وتعالى: "صدق عبدى فيما يبلغ عنى".

... إذ أن تأييده بذلك كله، وهو يدعى أنه مرسل من عند ربه، وهو على مسمع من ربه سبحانه ومرأى، وهو جل شأنه لا يزال يؤيده بكل ذلك: دليل على كمال صدقه، وعصمته فى كل ما يبلغه من قرآن وسنة، إذ لو كان بخلاف ذلك لما أيده، ولفضح أمره للملأ، كما هى سنته سبحانه فيمن حاولوا الكذب عليه.

ب- وقال تعالى: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين} (٢) . فهذه الآيات دليل صدقه وعصمته فى تبليغه الوحي (قرآناً وسنة) بدليل التمانع، فقد امتنع أخذه سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم بتلك الصفة، لامتناع تقوله عليه، وامتناع التقول عليه يعنى الصدق والعصمة فيما يقول ويبلغ عن ربه.

... قلت: وفى الآيات دلالة على أن القرآن الكريم، والسنة المطهرة من عند الله تعالى وهو استدلال بما هو مقرر فى الأذهان، من أن الله عز وجل لا يقرر أحداً على أن يقول عنه كلاماً لم يقله.


(١) ينظر: دلائل النبوة لأبى نعيم ٢/٣٢٥ – ٥٧٢، ودلائل النبوة للبيهقى ٦/٥ – ٥٥٢ والخصائص الكبرى للسيوطى ١/٧٨ – ٤٤٣، ٢/٣ – ٢٩٦، ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، التى ظهرت فى زماننا للدكتور عبد المهدى عبد القادر.
(٢) الآيات ٤٤ – ٤٧ الحاقة.

<<  <   >  >>