للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك أيضاً شهادة النضر بن الحارث فى قوله: "يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله، ولقد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً، أرضاكم عقلاً، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم فى صدغيه (١) الشيب، وجاءكم بما جاءكم قلتم: ساحراً! لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم: كاهن! لا والله ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة وحالهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر! لا والله ما هو بشاعر، لقد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه وقريضه، وقلتم: مجنون! لا والله ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون، فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه، ثم قال لهم، يا معشر قريش، انظروا فى شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم" (٢) فهذا كلام النضر بن الحارث الذى كان

من شيطاناً من شياطين قريش، وممن كان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصب له العداوة. وكذا قال غيره كلاماً نحو ذلك من إثبات صدق النبى صلى الله عليه وسلم، وكماله الخلقى والخلقى، كالوليد بن المغيرة (٣) وعتبة بن ربيعة (٤) وغيرهما.

ومن شهادات الصحابة رضى الله عنهم بصدقه صلى الله عليه وسلم ما يلى:

١- قول خديجة رضى الله عنها فى قصة بدء الوحي، حيث قالت له صلى الله عليه وسلم وهى الخبيرة به: "كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق" (٥) .


(١) الصدغ: ما بين العين والأذن، ويسمى الشعر المتدلى فى هذا الموضع صدغاً. مختار الصحاح ص٣٥٩، والمصباح المنير ١/٣٥٩.
(٢) أخرجه ابن إسحاق فى السيرة النبوية لابن هشام ١/٣٧٦ نص رقم ٢٨٥، والبيهقى من طريقه فى دلائل النبوة ٢/٢٠١ عن ابن عباس رضى الله عنهما.
(٣) ينظر: دلائل النبوة للبيهقى ٢/٢٠٠.
(٤) ينظر: المصدر السابق ٢/٢٠٣.
(٥) سبق تخريجه ص١٩٨.

<<  <   >  >>