للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. لقد كان عدم التصدى بنبوته صلى الله عليه وسلم هو القاعدة التى انطلقوا منها فى بث كل شكوكهم ومطاعنهم فى بقية جوانب الإسلام. ولقد ركز المستشرقون جل جهودهم فى التشكيك فى الوحي إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فى الوقت الذى يوقنون فيه بصدق وقوعه لغيره من الأنبياء السابقين، وهم بذلك لا يدرون أنهم يخربون بيوتهم، قبل أن يخربوا بيوت غيرهم، إذ الوحي إلى النبى محمد صلى الله عليه وسلم، لا يختلف فى شئ عن الوحي إلى غيره من الأنبياء السابقين من حيث الوقوع!.

... والمستشرقون فى بذلهم قصارى جهدهم لنفى الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحاولون نفى العصمة وسلبها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويزعمون بأن ما جاء به نتاج بشرى، وليس من عند الله تعالى، ولذا حاولوا أن يفسروا الوحي وكيفياته، تفسيراً يؤدى بهم إلى هذا الزعم الجائر، والضلال المبين؛ ولكن الباطل مهما لمع بريقه، وتكاتف من ورائه أناس على تقويته، إلا أنه سرعان ما يخفت هذا اللمعان، ولا يجنى أصحاب هذا الباطل، من وراء باطلهم إلا الخيبة والخسران، علماً بأن ما أثاروه من شبه لا يعدو فى حقيقته، كونه فتات موائد الجاهلية الأولى، فهم لم يستحدثوا هذه الشبه، وليس لهم فيها من عمل إلا إثارتها مجدداً، وصدق رب العزة: {كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم} (١) وقال عز وجل: {أتواصوا به بل هم قوم طاغون} (٢) . ورغم أن شبهات أعداء الإسلام من المستشرقين حول الوحي الإلهى، مردود عليها فى القديم والحديث، من علماء أجلاء - جزاهم الله خيراً إلا أنى لم أر بأساً بذكر عمدة هذه الشبهات، التى طعنوا بها فى عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أنزل عليه من الوحي، وإظاهر الردود عليها.

... فإلى بيان ذلك فى المطالب التالية.


(١) جزء من الآية ١١٨ البقرة.
(٢) الآية ٥٢ الذاريات.

<<  <   >  >>