.. فلو كان صلى الله عليه وسلم مريضاً بالصرع كما زعم هؤلاء الحاقدون، لوجد أعداؤه فى ذلك فرصة سانحة للطعن عليه، لكن ما حدث ممن خلصت ضمائرهم بعض الوقت، وكانوا مع أنفسهم صادقين قبل ما يطرأ عليهم من إرهاب فكرى من أمثال الوليد بن المغيرة، والنضر بن الحارث الذى نفى فى إشارة بليغة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به، السحر، والكهانة، والشعر، والجنون، حيث أنهم يعلمون علم اليقين حقيقة هذه الألفاظ، واعترف النضر بن الحارث بإقرار صناديد قريش، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به، بعيدان كل البعد عن حقيقة الألفاظ السابقة (١) .
... وهنا يحق لنا أن نتساءل: إذا لم يذكر لنا التاريخ أن النبى صلى الله عليه وسلم أصيب بهذا النوع من الأمراض المنفرة؛ فليأتنا أعداء الإسلام بما يكذب ذلك؟ ولكن أنى لهم ذلك! اللهم إلا ما كان من هؤلاء المأفونين من المستشرقين الذين زعموا هذا الزعم بناءً على تصورهم للحالة التى كانت تعتريه عند نزول الوحي عليه، وهى حالة واحدة من حالات متعددة كان يأتيه عليها الوحي كما علمت، وبينها وبين ما تصوروه عنها بعد المشرقين.
... وأتساءل أيضاً: هل الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم منذ خمسة عشر قرناً، واتبعوا الدين الذى جاء به من قادة الفكر على امتداد العصور؛ كلهم أغبياء مغرورون، لم يميزوا بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والصحة والمرض، والكمال والنقص؟!.
خامسها: ثم ما رأى هؤلاء الطاعنين وفيهم من ينتمى إلى بعض الأديان فى أنهم لا ينالون من نبوة وعصمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحده؛ وإنما ينالون من جميع أنبياء الله ورسله الذين كانت لهم كتب أو صحف، أوحى بها من عند الله سبحانه.