للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. إن ما زعموه بأنه من الممكن أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقف هذا الذى جاء به من بحيرا (١) ونسطورا (٢) الراهبين، زعم باطل. وذلك لأن المعروف الثابت تاريخياً أن النبى صلى الله عليه وسلم، لم يلق "بحيراً" هذا إلا مرة واحدة، وهى المرة الأولى التى سافر فيها إلى الشام، وكان معه عمه أبى طالب، وكان عمره صلى الله عليه وسلم، إذ ذاك لا يتعدى اثنتى عشر عاماً (٣)


(١) بحيرا: راهب. قيل إنه كان يهودياً من يهود تيماء، وقيل كان نصرانياً من عبد القيس، يقال له جرجس، لقيه النبى صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، له ترجمة فى: أسد الغابة ١/٣٥٥ رقم ٣٧١، وتجريد أسماء الصحابة ١/٤٤، والبداية والنهاية ٢/٢١٣، ٢١٤.
(٢) هو: بطريرك الإسكندرية سنة ٤٣١م، وهو الذى قال بأن مريم لم تلد إلا الإنسان فهى بذلك أم الإنسان، وليست أماً لإله، وأتباعه هم النساطرة، ومذهبهم وضع الأساس للقول بطبيعتين فى المسيح. ينظر: الموسوعة المسيرة فى الأديان والمذاهب المعاصرة ص٥٠٢، ٥٠٣، والملل والنحل للشهرستانى ٢/٢٥١ – ٢٥٣.
(٣) القصة رواها ابن إسحاق فى السيرة النبوية لابن هشام ١/٢٣٦ – ٢٣٨ نص رقم ١٧٧، ١٧٨، والترمذى فى سننه كتاب المناقب، باب ما جاء فى بدء نبوة النبى صلى الله عليه وسلم ٥/٥٥٠ رقم ٣٦٢٠ ولم يرد اسم (بحيرا) فى القصة، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأخرجه الحاكم فى المستدرك ٢/٦٧٢ رقم ٤٢٢٩ وقال: صحيح على شرط الشيخين، وخالفه الذهبى قائلاً: أظنه موضوعاً فبعضه باطل أهـ ورواه أبو نعيم فى دلائل النبوة ١/١٦٨ رقمى ١٠٨، ١٠٩، والبيهقى فى دلائل النبوة ٢/٢٤، وابن سعد فى الطبقات الكبرى ١/١٢٠، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية ٢/٢١٣، ٢٦٦، من طريقى ابن إسحاق والترمذى وقال: "فيه من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة، فإن أبا موسى الأشعرى راوى الحديث إنما قدم فى سنة خيبر، سنة سبع من الهجرة، ولا يلتفت إلى قول ابن إسحاق فى جعله له من المهاجرة إلى أرض الحبشة من مكة. وعلى كل تقدير فهو مرسل. فإن هذه القصة كانت ولرسول الله صلى الله عليه وسلم من العمر فيما ذكره بعضهم اثنتا عشرة سنة، ولعل أبا موسى تلقاه من النبى صلى الله عليه وسلم، فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة رضى الله عنهم، أو كان هذا مشهوراً مذكوراً أخذه من طريق الاستفاضة"أهـ قلت: ذهب إلى صحة القصة فضيلة الشيخ عرجون فى كتابه محمد رسول الله ١/١٦٧، ووجه الغرائب الواردة فى ألفاظ الحديث بما يزيل غرابتها، فراجعه إن شئت، وصحح الحافظ ابن حجر رواية الترمذى بإسناد قوى فى فتح البارى= =٨/٥٨٧رقم٤٩٥٣،وكذا الألبانى فى هامش فقه السيرة للغزالى ص٦٨، والدكتور سعيد صوابى فى المعين الرائق ص٧٤،وأبطلها عبد العزيز راشد فى أصول السيرة المحمدية ص٢٢،وكذا أبطلها جعفر مرتضى العاملى فى كتابه الصحيح من سيرة النبى ٢/٩٣، وتوقف فيها هاشم معروف الحسينى فى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ص٥٣.

<<  <   >  >>