للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ولم تذكر الأخبار أنه كان حتى هناك مجرد حديث بين الغلام الصغير محمد وبين "بحيرا" و"نسطورا" وإنما الذى ذكرته الأخبار أن كل الحديث الذى تحدث به الراهب بحيرا عنه، كان مع عمه أبى طالب (١) والذى تحدث به الراهب نسطورا عنه كان مع غلام خديجة ميسرة! فماذا – يا ترى – سمع الشهود – عمه أبى طالب، وميسرة – من علوم هذا الأستاذ؟ هلا نبأنا التاريخ بنبأ ما جرى خلال هذا الحديث المزعوم الذى جمع فى تلك اللحظة القصيرة علوم القرآن والسنة كاملة؟!.

... إن تلك الروايات التاريخية التى تتحدث عن اللقاء العابر بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين بحيرا ونسطورا تحيل أن يقف كل من بحيرا ونسطورا موقف المعلم المرشد لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأن كلا منهما بشر عمه وميسرة، بنبوته، وليس بمعقول أن يؤمن رجل بهذه البشارة التى يزفها، ثم ينصب نفسه أستاذاً لصاحبها الذى سيأخذ عن الله، ويتلقى عن جبريل، ويكون هو أستاذ الأستاذين، وهادى الهداة المرشدين! وإلا كان هذا الراهب متناقضاً مع نفسه!!.

... إن هذه التهمة لو كان لها نصيب من الصحة، لفرح بها قومه وقاموا لها وقعدوا، لأنهم كانوا أعرف الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا أحرص الناس على تبهيته وتكذيبه وإحباط دعوته بأية وسيلة (٢) .


(١) يراجع: رواية لقائه صلى الله عليه وسلم مع بحيرا الراهب فى تخريج قصته السابقة قريباً.
(٢) مناهل العرفان فى علوم القرآن للزرقانى ٢/٤٥٢ – ٤٥٦ بتصرف واختصار، وينظر: الإسلام والمستشرقون لنخبة من العلماء المسلمين ص٢٢٨.

<<  <   >  >>