.. فإن الناظر فيما ساقه القوم من شبهه – يلاحظ مدى تحير القوم، وترددهم واضطرابهم، فى تحديد المصدر الذى صدر عنه الوحي الذى جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
... فانظر كم قلبوا من وجوه الرأى فى هذه المسالة؟ فمرة يقولون كذا، ومرة يقولون كذا، كما علمت فى المطالب السابقة. فإن شئت أن تطلع على هذه الصورة المضحكة من البلبلة الجدلية فاقرأ وصفها فى قوله تعالى:{بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر}(١) .
... فهذه الجملة القصيرة تمثل لك بما فيها من توالى حروف الإضراب مقدار ما أصابهم من الاضطراب فى رأسهم، وتريك صورة شاهد الزور إذا أحس بحرج موقفه، كيف ينقلب ذات اليمين وذات الشمال.
... وإذا كان أعداء الإسلام من المستشرقين يتحيرون ويضطربون فى تحديد مصدر الوحي، فأذيالهم وأبواقهم من أعداء السنة المطهرة، والسيرة العطرة هم كذلك يتحيرون ويتناقضون؛ وهم يطعنون فى الوحي المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.