للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: إذا كان أعداء السنة المطهرة والسيرة العطرة اتخذوا لأنفسهم شعار "القرآنيون" يستدلون به وحده على ما يزعمون؛ فهم يحرصون دائماً على الإيمان ببعض القرآن، والكفر ببعضه الآخر؛ حيث أنهم هنا فى افتراءاتهم يستدلون بظاهر وعموم بعض الآيات القرآنية التى تحث رسول الله صلى الله عليه وسلم، على البلاغ، وتركوا باقى نصوص القرآن الكريم التى تفصل حقيقة هذا البلاغ، وتفصل أيضاً باقى أدوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى رسالته.

... وإليك شواهد من الآيات القرآنية ترد على افتراءاتهم، وتبين فى وضوح وجلاء أن دور رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رسالته ليس قاصراً على بلاغ القرآن الكريم فقط، وإنما بيان هذا الكتاب الكريم، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وتزكيتهم، والحكم بينهم فى كل شأن من شئون حياتهم، وما كل ذلك إلا بالسنة المطهرة، والسيرة العطرة التى ينكرونها.

قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} (١) والبلاغ الذى أمر المولى عز وجل به رسوله، هو الوظيفة الأولى له صلى الله عليه وسلم وهو بلاغ عام وشامل لكل ما تحتاج إليه البشرية فى عاجلها وآجلها، ودنياها وأخراها، وقد وصل إلينا هذا البلاغ فى وحيين:

أحدهما: متلو وهو القرآن الكريم.

وثانيهما: غير متلو وهو السنة المطهرة.

... ويدل على عموم البلاغ، عموم الاسم الموصول "ما" فى الآية الكريمة، كما عمم من أراد تبليغهم، حيث حذف المفعول الأول لـ "بلغ" ليعم الخلق المرسل إليهم؛ والتقدير: بلغ جميع ما أنزل إليك من كتاب وسنة، من يحتاج إلى معرفته من أمر الدين الموحى به إليك (٢) .


(١) الآية ٦٧ المائدة.
(٢) التحرير والتنوير ٦/٢٦٠ بتصرف، ويراجع: ص٢٦٠.

<<  <   >  >>