للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ولا تعارض بين القولين – ابن مسعود والأوزاعى – فابن مسعود يقصد العلم الإجمالى الشامل، والأوزاعى يقصد تفصيل وبيان السنة لهذا العلم الإجمالى. ومن هنا؛ فالقول بأن القرآن الكريم تبيان لكل شئ قول صحيح فى ذاته بالمعنى الإجمالى السابق، ولكن الفساد فيما بنوه عليه من قصر مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على بلاغ القرآن فقط، وإنكار مهمته البيانية (السنة المطهرة) والاكتفاء بالقرآن ليؤولوه حسب أهوائهم، وإلا فرب العزة هو القائل فى نفس سورة النحل، وقبل هذه الآية قال: {ليبين لهم الذى اختلفوا فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين} (١) وقال سبحانه: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} (٢) وقال عز وجل: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه} (٣) فتلك ثلاث آيات كريمات فى نفس سورة النحل، وسابقة لآية {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ} والثلاث آيات تسند صراحة مهمة التبيين إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فهل يعقل بعد ذلك أن يسلب الله عز وجل هذه المهمة – التبيين – التى هى من مهام الرسل جميعاً كما قال: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} (٤) ويوقع التناقض بقوله: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ} وقوله: {وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلاً} ؟!.

إن كل الرافضين لمهمة رسول الله البيانية، لابد أن يلتزموا بهذه النتيجة التى تعود بالنقض على الإيمان بالكتاب، وبمن أنزل الكتاب جل جلاله، سواء أقروا بلسانهم بهذا النقض أم لا، وتنبهوا إلى ذلك أم لا؟!!.


(١) الآية ٣٩ النحل.
(٢) الآية ٤٤ النحل.
(٣) الآية ٦٤ النحل.
(٤) الآية ٤ إبراهيم.

<<  <   >  >>