للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وتحكيمه صلى الله عليه وسلم فى كل شئون حياتنا، والرضى بحكمه، والتسليم به، جعله رب العزة علامة الإيمان كما قال: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسيلما} (١) وما ذلك إلا لأن حكمه صلى الله عليه وسلم، وحى من الله واجب الاتباع لقوله {بما أراك الله} وعلى هذا الفهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، يدل على ذلك قول عمر رضى الله عنه وهو على المنبر: "يا أيها الناس إن الرأى إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصيباً لأن الله عز وجل كان يريه، وإنما هو منا الظن والتكلف" (٢) لقد قال عمر ذلك على المنبر، ولم يعترض عليه أحد من الحاضرين، لا من الصحابة، ولا من التابعين، مما يدل على أنهم جميعاً يعلمون أن لرسول الله حكم فى رسالته هو من ربه، وهو أمر زائد على مجرد البلاغ!.

وقال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين} (٣) إن الله عز وجل فى هذه الآية الكريمة، يمتن على هذه الأمة، ببعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أنفسهم، وأنه جاء ليس لمجرد بلاغ وتلاوة القرآن الكريم فقط – كما يزعم أعداء الإسلام؛ وإنما جاء مع بلاغ القرآن وتلاوته؛ جاء بتزكيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة.


(١) الآية ٦٥ النساء.
(٢) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب الأقضية باب قضاء القاضى إذا أخطأـ ٣/٣٠٢ رقم ٣٥٥٦، والبيهقى فى السنن الكبرى ١٠/١١٧، والمدخل له ص١٨٩ رقم ٢١٠، وابن عبد البر فى جامع بيان العلم ٢/١٦٤، والبزار ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد ٦/١٤٥، ١٤٦، وسكت عنه الحافظ فى فتح البارى ٥/٤٠٨ رقمى ٢٧٣١، ٢٧٣٢.
(٣) الآية ١٦٤ آل عمران.

<<  <   >  >>