للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: إذا تقرر لك بالدليل القاطع أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم تبياناً للقرآن الكريم، فاعلم أن لهذا التبيان صفة المبين، من حيث وجوب قبوله، ووجوب العمل به، وصلاحيته لكل زمان ومكان؛ ويستلزم هذا ضرورة أن هذا التبيان النبوى، هو الحكمة وهى السنة النبوية التى عبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه" (١) .

... وبناء الفعل للمجهول "أوتيت" يدل على أن الله تعالى، أعطى لرسوله صلى الله عليه وسلم، القرآن ومثله معه، فما هو المماثل الذى تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه؟ يصرح القرآن الكريم بأن هذا المماثل هو "الحكمة" التى قرنها رب العزة فى كتابه مع القرآن الكريم فى آيات عدة منها:

قوله تعالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً} (٢) فالآية والحديث يفيدان أن الله تعالى، أنزل عليه صلى الله عليه وسلم، الكتاب والحكمة، مثل القرآن، وهى معه، آتاهما الله له صلى الله عليه وسلم، بل إن إحدى روايات هذا الحديث تتواءم مع الآية أكثر من هذه الرواية، ونصها: "أتانى الله عز وجل القرآن، ومن الحكمة مثليه" (٣) .

وقال تعالى: {واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة} (٤) فعطف الحكمة على آيات الله، لتندرج تحت ما أضيف إليها وهو "التلاوة" وهذا يضفى على الحكمة – وهى السنة – أنها فى حجيتها، ووجوب تبليغها، كالقرآن سواء بسواء (٥) .


(١) سبق تخريجه ص١٣.
(٢) الآية ١١٣ النساء.
(٣) هذه رواية مكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجها أبو داود فى مراسيله ص١٦٦ رقم ٥٦٥.
(٤) الآية ٣٤ الأحزاب.
(٥) السنة بياناً للقرآن للدكتور إبراهيم الخولى ص٤٤.

<<  <   >  >>