للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} (١) ودلالة الآية على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم من عدة وجوه:

الوجه الأول: النداء بوصف الإيمان فى مستهل الآية: {يا أيها الذين آمنوا} ومعنى ذلك: أن المؤمنين لا يستحقون أن ينادوا بصفة الإيمان، إلا إذا نفذوا ما بعد النداء، وهو طاعة الله تعالى، وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولى الأمر.

الوجه الثانى: تكرار الفعل "أطيعوا" مع الله تعالى، ومع رسوله صلى الله عليه وسلم، وتكرار ذلك فى آيات كثيرة كقوله: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا} (٢) وقوله: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون} (٣) .

... يقول الإمام الشاطبى: "تكراره الفعل "وأطيعوا" يدل على عموم الطاعة بما أتى به مما فى الكتاب، ومما ليس فيه مما هو من سنته" (٤) وقال العلامة الألوسى: "وأعاد الفعل: و"أطيعوا" وإن كان طاعة الرسول مقرونة بطاعة الله تعالى، واعتناء بشأنه صلى الله عليه وسلم، وقطعاً لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس فى القرآن، وإيذاناً بأن له صلى الله عليه وسلم، استقلالاً بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثم لم يعد فى قوله: {وأولى الأمر منكم} إيذاناً بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول صلى الله عليه وسلم (٥) بل طاعتنا لهم مرتبطة بطاعتهم هم لله ورسوله، فإن هم أطاعوا الله ورسوله فلهم علينا حق السمع والطاعة، وإلا فلا. لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق" (٦) .


(١) الآية ٥٩ النساء.
(٢) الآية ٩٢ المائدة.
(٣) الآية ٥٦ النور.
(٤) الموافقات ٣/٣٨.
(٥) روح المعانى ٥/٦
(٦) أعلام الموقعين ١/٤٨.

<<  <   >  >>