للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: فى آية النساء، دلالة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم، قوله تعالى: {فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله والرسول} فالرد إلى الله تعالى، هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الرد إليه نفسه فى حياته، وإلى سنته بعد وفاته (١) وعلى هذا المعنى إجماع الناس كما قال ابن قيم الجوزية (٢) وتعليق الرد إلى الله ورسوله على الإيمان {إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} يعنى: أن الذين يردون التنازع فى مسائل دينهم وحياتهم، دقها وجلها، جليها وخفيها؛ إلى كتاب الله عز وجل، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هم فقط المؤمنون حقاً؛ كما وصفتهم بذلك الآية الكريمة، أما غيرهم فلا ينطبق هذا الوصف عليهم.

... ثم يحدثنا الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة، عن أناس يزعمون أنهم يؤمنون بالله ورسوله، ومقتضى هذا الإيمان أن يحكموا كتاب الله، وسنة رسوله فى كل شئون حياتهم، ولكنهم لا يفعلون ذلك، وإنما يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، مع أنهم قد أمورا أن يكفروا به.

... قال تعالى: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} (٣) ففى نهاية الأمر، حكم الله تعالى على من يعرض عن حكمه، وحكم رسوله، ويتحاكم إلى الطواغيت بأنهم منافقون (٤) .


(١) قاله: ميمون بن مهران فيما رواه عنه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم ٢/١٨٧، وينظر: الرسالة للشافعى ص٨٠، ٨١ فقرات رقم ٢٦٤ – ٢٦٦.
(٢) أعلام الموقعين١/٤٩،وينظر: تفسير عبد الرزاق ١/١٦٢ رقم ٦١٣، وتفسير ابن جرير ٥/١٥١.
(٣) الآية ٦١ النساء. وقارن بالآيات ٤٧ – ٥٢ من سورة النور.
(٤) ينظر: تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص٤٥، ٤٦.

<<  <   >  >>