للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهكذا صور هذا الرجل تعظيم الصحابة الكرام رضى الله عنهم لنبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذه الألفاظ الجزلة النابعة من بالغ تأثره بذلك المظهر العظيم من مظاهر التعظيم والتبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم وقد برهن على مدلول هذا الخبر أيضاً، ما قاله عمرو بن العاص رضى الله عنه (١) قال: "ما كان أحد أحب إلى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجل فى عينى منه، وما كنت أطيق أن أملأ عينى منه إجلالاً له، ولو شئت أن أصفه ما أطقت؛ لأنى لم أكن أملأ عينى منه" (٢) وهكذا كان الصحابة الكرام رضى الله عنهم يعبرون عن تعظيمهم وإجلالهم وتوقيرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بأعمالهم وأقوالهم.

ثالثاً: وأخيراً زعمهم أن تكرار شهادة أن محمداً رسول الله بجانب شهادة أن لا إله إلا الله، فيه تفريق بين رسل الله عز وجل، ولو قلنا بهذه الشهادة لوجب علينا أن نشهد أيضاً بأن إبراهيم رسول الله، وموسى رسول الله... الخ وهو أمر يطول.

... فهذا من جهلهم بكتاب الله عز وجل الذى يتسترون نفاقاً بعباءته. فالقرآن الكريم يصرح بأن الله عز وجل أخذ العهد والميثاق على الأنبياء السابقين بأن يؤمنوا بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤمنوا بنبوته وينصروه إن خرج وهم أحياء، فلما أقروا بذلك أشهدهم عليه، والله خير الشاهدين. قال تعالى: {وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به. ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} (٣) .


(١) صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص٧١ رقم ٣٧٦، وأسد الغابة ٤/٢٣٢ رقم ٣٩٧١، والاستيعاب ٣/١١٨٤ رقم ١٩٣١، والإصابة ٣/٢ رقم ٥٨٩٧.
(٢) جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب كون الإيمان يهدم ما قبله ١/٤١٤ رقم ١٢١.
(٣) الآية ٨١ آل عمران.

<<  <   >  >>