للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وهكذا يتضح أن الوحي كان يراقب تصرفاته صلى الله عليه وسلم، ويراقب الأمة أيضاً. وفى كل ذلك دلالته على عصمته صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده. وعلى ذلك اتفاق السلف وإجماعهم عليه؛ وذلك أنا نعلم من دين الصحابة وعادتهم مبادرتهم إلى تصديق جميع أحواله، والثقة بجميع أخباره فى أى باب كانت، وعن أى شئ وقعت، وأنه لم يكن لهم توقف، ولا تردد فى شئ منها، ولا استثبات عن حاله عند ذلك هل وقع فيها سهو أم لا، وهل وقع عن وحى أو اجتهاد، وأيضاً فإن أخباره وآثاره وسيره وشمائله صلى الله عليه وسلم معتنى بها مستقصى تفاصيلها، ولم يرو فى شئ منها استدراكه صلى الله عليه وسلم لغلط فى قول قاله، أو اعترافه بوهم فى شئ أخبر به، ولو كان ذلك لنقل كما نقل من قصته صلى الله عليه وسلم عما أشار به على الأنصار فى تلقيح النخل (١) وكان ذلك رأياً لا خبراً يعنى: فلا يدخله الصدق والكذب (٢) .

قلت: وهذا الذى أدين الله تعالى به فى أخبار النبى صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله كلها تشريعاً تقتضى المتابعة والاقتداء سواء كانت بوحى أو اجتهاد لعصمة رب العزة له فى أحواله صلى الله عليه وسلم كلها.


(١) سيأتى بعد قليل ذكره كاملاً وتخريجه وتوجيهه بما لا يتعارض مع عصمته صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده.
(٢) ينظر: الشفا ٢/١٣٥، ١٣٦ بتصرف، والمنهاج شرح مسلم ٣/٧٣ رقم ٥٧٤، والمدخل إلى السنة النبوية للدكتور عبد المهدى ص٧٣، ٧٤.

<<  <   >  >>