.. وهذا الغلو من بعض الناس، هو الذى جعل عالماً كبيراً مثل المحدث الجليل الشيخ أحمد محمد شاكر – رحمه الله – يعلق على هذا الحديث فى مسند الإمام أحمد فيقول:"هذا الحديث مما طنطن به ملحدوا مصر، وصنائع أوروبة فيها، من عبيد المستشرقين، وتلامذة المبشرين، فجعلوه أصلاً يطعنون به فى عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اجتهاده، وأخذوا يحجون به أهل السنة وأنصارها، وخدام الشريعة وحماتها، إذا أرادوا أن ينفوا شيئاً من السنة، وأن ينكروا شريعة من شرائع الإسلام، فى المعاملات، وشئون الاجتماع وغيرها، يزعمون أن هذه من شئون الدنيا، ويتمسكون برواية أنس: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" (١) والله يعلم أنهم لا يؤمنون بأصل الدين، ولا بالألوهية، ولا بالرسالة، ولا يصدقون القرآن فى قرارة نفوسهم. ومن آمن منهم فإنما يؤمن لسانه ظاهراً، ويؤمن قلبه فيما يخيل إليه، لا عن ثقة وطمأنينة، ولكن تقليداً وخشية، فإذا ما جد الجد، وتعارضت الشريعة، الكتاب والسنة، مع ما درسوا فى مصر أو فى أوروبا، لم يترددوا فى المفاضلة، ولم يحجموا عن
(١) بل وينكرون أركان الإسلام، انظر إلى ما يزعمه جمال البنا فى كتابه السنة ودورها فى الفقه الجديد ص١٩٣ قائلاً: بيان النبى فى العبادات من صلاة أو زكاة أو صيام أو حج أو شورى... الخ، ليس تشريعاً دائماً لازماً أهـ. ويرجع من نفس المصدر ص١٧٠، ١٩٥، ٢٠٣، ٢٢٥ وينظر له أيضاً: الأصلان العظيمان ص٢٣٨، وينظر: الإسلام هو القرآن وحده مقال لتوفيق صدقى فى مجلة المنار المجلد ٩/٩١٠، ٩١١، وأضواء على السنة ص٤٢، ٤٤، ٩٣، وقصة الحديث المحمدى ص١٤ – ١٧ كلاهما لمحمود أبو ريه، والإمام الشافعى ص٤٦، ٨٤، ونقد الخطاب الدينى ص١٢٦ كلاهما لنصر أبو زيد، ودراسة الكتب المقدسة لموريس بوكاى ص٢٩٣، ٢٩٩، والكتاب والقرآن قراءة معاصرة لمحمد شحرور ص٥٥٣، وينظر له أيضاً الدولة والمجتمع ص١٥٥، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص٢٤٨.