للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا التقسيم قال غير واحد من علماء المسلمين (١) وبالغ بعضهم حتى كاد يخرج قضايا المعاملات، والأحوال المدينة كلها من دائرة السنة التشريعية. حيث كان يرى أن كثيراً من أوامر الرسول ونواهيه فى المعاملات كان أساسها الاجتهاد لا الوحي (٢) حتى انتهى به هذا الاتجاه إلى أن حرم برأيه ما أحلته السنة النبوية؛ وما أجمع المسلمون – من جميع المذاهب والمدارس الفقهية – على حله. وذلك هو (بيع السلم) الذى رخص فيه النبى - صلى الله عليه


(١) كالأستاذ محمد رشيد رضا فى مجلة المنار المجلد ٩/٨٥٨، والدكتور عبد المنعم النمر فى كتبه: السنة والتشريع، والاجتهاد، وعلم أصول الفقه، والشيخ عبد الجليل عيسى فى كتابه: اجتهاد الرسول، والشيخ على حسب الله فى كتابه التشريع، والشيخ محمد الغزالى فى كتابه كيف نفهم الإسلام نقله= =عن الشيخ محمد المدنى، والدكتور محمد سليم العوا فى العدد الافتتاحى من مجلة المسلم المعاصر، والدكتور يوسف القرضاوى فى كتابه السنة مصدراً للمعرفة والحضارة ص٤١، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور فى كتابه مقاصد الشريعة الإسلامية، وغيرهم ممن ذكرهم الأستاذ يوسف كمال فى كتابه العصريون معتزلة اليوم ص٥٣ – ٧٢.
(٢) ينظر: السنة والتشريع ص٢٥، ٢٦، وعلم أصول الفقه ص٢٤ كلاهما للدكتور النمر. قال الدكتور القرضاوى: "وما ذهب إليه أى الدكتور النمر، لا يفيده فى دعواه، لأن الاجتهاد إذا أقر كان بمنزلة الوحي لأنه لا يقر على خطأ، كما هو مقرر فى علم الأصول، ولهذا يسميه علماء الحنفية (الوحي الباطنى) أهـ السنة مصدراً للمعرفة والحضارة ص١٧ هامش. قلت: ولا أدرى لماذا بعد ذلك يؤيد الدكتور القرضاوى أنصار مدرسة تقسيم السنة إلى تشريع، وغير تشريع؟! أليس كل ما يقال فيه أنه سنة غير تشريعية؛ ينطبق عليه ما قاله هنا من إقرار رب العزة لاجتهاد نبيه صلى الله عليه وسلم فيصير وحياً، حتى ولو كانت درجته الإباحة، كما سيأتى تفصيله بعد قليل؟!.

<<  <   >  >>