للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فهل يسندهم ذلك الحديث فى تلك الدعوى الخطيرة؟! أقول: الحديث لا يسندهم فى دعواهم ولا حجة لهم فيه؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: لما مر على قوم يلقحون النخل "ما أظن يغنى ذلك شيئاً" واضح منه أنه كان اجتهاداً منه صلى الله عليه وسلم، ولم يرد بذلك صرفهم عما هم فيه؛ بدليل أنهم لما تركوا التأبير، ووصل الخبر إليه صلى الله عليه وسلم بين لهم أنه ظن – أى اجتهد – وأنه ما يصح أن يصرفهم الظن – أى الاجتهاد – عن أمر يرونه صواباً. وتأمل قوله: "إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإنى إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذونى بالظن" فهم غلطوا فى ظنهم أنه نهاهم بوحى، كما غلط من غلط فى ظنه أن الخيط الأبيض والخيط الأسود هو الحبل الأبيض والأسود (١) .

... ثم بين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه إذا حدثهم بوحى عن الله تعالى فإنه لن يخطأ فى هذا الوحي.


(١) حينما نزل قوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} جزء من الآية ١٨٧ البقرة، ظن ناس أن المراد أن يظل الصائم يأكل حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود، وهذا غلط صححته الآية إذ نزل قوله تعالى "من الفجر" فعلموا أنه إنما يعنى الليل والنهار، وبين لهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الصوم، باب قوله (كلوا واشربوا... الآية) ٤/١٥٧ رقم ١٩١٧.

<<  <   >  >>