.. ولماذا لم يتدارك الله هذا الاجتهاد بالتصحيح قبل أن تنتج شيصاً للمسلمين يسخر منه اليهود، وأعداء الإسلام حين يصح نخلهم، ويسوء نخل المسلمين بسبب مشورة نبيهم صلى الله عليه وسلم؟.
... الجواب: عن ذلك فى محاولة تلمس حكمة لهذه القصة، فإن حصلت بها قناعة واطمئنان فالحمد لله، وإلا فنحن مؤمنون أرسخ الإيمان بأن لله عز وجل فى ذلك حكمة، وهو الحكيم الخبير. ولعل الحكمة فى ذلك تدور حول ثلاث أمور:
أولاً: صرف بلاء الأعداء عن المؤمنين الذين لم تقو شوكتهم بعد: ألم يكن هذا من الجائز أن يطمع الكافرون فى المدينة وتمرها، فيهاجموها من أجل نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها؟ فخروج التمر شيصاً جعلها غير مطمع، وصرف الله بذلك هجوم الكافرين حتى يستعد المؤمنون؟ احتمال.
ثانياً: تعليمهم الأخذ بأسباب الحياة بهذا الدرس العملى الذى كان قاسياً عليهم فتنافسوا بعده فى أسباب الحياة.
ثالثاً: اختبارهم فى صدق إيمانهم، فهذه القصة حتى اليوم فى هذا البحث ابتلاء واختبار، وقد نجح الصحابة رضى الله عنهم فى هذا الاختبار القاسى، وهم فى أول الإيمان، نجاحاً باهراً، فقد استمروا فى طاعة أوامره صلى الله عليه وسلم، ولم يرد إلينا ردة أحد بسببها، بل لم يرد عتاب أحد منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليها رغم خسارتها، مما يشهد لهم بالإيمان الصادق المتين (١) ولعل تلك الحكمة الأخيرة هى أوجه الحكم فى هذه القصة. والله أعلم بحكمته أهـ.
وصلى الله وسلم وبارك على المعصوم
الهادى الأمين، ورزقنى الله حبه، ونصرته
(١) استفدت جل ما ورد فى نقض دليل أن السنة ليست كلها وحى من "السنة والتشريع" لفضيلة الدكتور موسى شاهين ص٣٢ – ٤٧ بتصرف. وينظر: للاستزادة، السنة تشريع لازم ودائم للدكتور فتحى عبد الكريم ص٣٢، ٣٣، والأنوار الكاشفة لعبد الرحمن اليمانى ص٢٧ – ٤٠، والمدخل إلى السنة للدكتور عبد المهدى عبد القادر ص٣٧ – ٣٩.