للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وفى رواية عنها قالت: "كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن. ثم قالت أتقرءون سورة "المؤمنون قال: قلنا نعم، فقالت: اقرأ، قال: فقرأت: {قد أفلح المؤمنون. الذين هم فى صلاتهم خاشعون. والذين هم عن اللغو معرضون. والذين هم للزكاة فاعلون. والذين هم لفروجهم حافظون} (١) فقالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢) وفى رواية ثالثة قالت: "كان خلقه القرآن يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه" (٣) .

... وهذا الجواب الوجيز الجامع من أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: "فإن خلق نبى الله القرآن" أجمع وصف يعرف به شخصيته صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة.

... فقد أفادت عائشة رضى الله عنها السائل أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل القرآن فى أقواله وأفعاله، وأوامره، ونواهيه "وأن كلامه كان مطابقاً للقرآن تفصيلاً وتبياناً، وعلومه علوم القرآن، وإرادته وأعماله: ما أوجبه وندب إليه القرآن، وإعراضه وتركه: لما منع منه القرآن، ورغبته: فيما رغب فيه القرآن، وزهده: فيما زهد فيه، وكراهيته لما كرهه، ومحبته لما أحبه، وسعيه فى تنفيذ أوامره.

... فترجمت أم المؤمنين رضى الله عنها لكمال معرفتها بالقرآن، وبالرسول صلى الله عليه وسلم، عن هذا كله بقولها: كان خلقه القرآن، وقد حسن تعبيرها وجمع من المعانى مالا يجمعه كثير الكلام.


(١) الآيات ١ – ٥ المؤمنون.
(٢) أخرجه أبو الشيخ فى أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم وآدابه ص٢٧، والنسائى فى سننه الكبرى كتاب التفسير، باب سورة المؤمنون ٦/٤١٢ رقم ١١٣٥٠، والحاكم فى المستدرك ٢/٤٢٦ رقم ٣٤٨٠ وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبى، وأخرجه البخارى فى الأدب المفرد ١/٤٠٧ رقم ٣٠٨، والبيهقى فى دلائل النبوة ١/٣٠٩.
(٣) أخرجه البيهقى فى دلائل النبوة ١/٣٠٩ من رواية أبى الدرداء رضى الله عنه.

<<  <   >  >>