للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو دلته على منهج يتبعه فى الوقوف على جزئيات أخلاقه صلى الله عليه وسلم من خلال القرآن، كما فى رواية: "كان خلقه القرآن يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه" (١) فدلته على المواطن التى فيها رضا لله تعالى من صنوف الطاعات والقربات، فيعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قد كان متخلقاً بها، ويرضيه انتهاجها من نفسه، ومن أمته، وعلى المواطن التى فيها إغضاب لله تعالى من صنوف الإشراك والمعاصى، فيعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى غاية البعد عنها، وأنه يغضب لاقترافها، والعمل بها من أحد من البشر، وإذا غضب لله فلا يقوم لغضبه أحد كما لا يخفى.

... إذن كلمة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: "فإن خلق نبى الله كان القرآن" تعنى: أنه صلى الله عليه وسلم هو والقرآن كيان واحد، يتمثل فى شخصه الكريم، كل ما فى القرآن الكريم من أخلاق، وآداب، وفضائل، ومكارم، يترجمه صلى الله عليه وسلم فى كل كلامه وأفعاله بما فيها حركاته وسكناته، حتى استحق من ربه عز وجل الثناء العظيم فى قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} (٢) .

... وأستطيع أن أقول بدون تردد: إن القرآن الكريم هو شريعة الإسلام قولاً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو شريعة الإسلام عملاً فحياته صلى الله عليه وسلم كلها، وما صدر عنه فيها من أقوال، وأفعال وتقديرات حتى الحركات والسكنات، هى تفصيل وبيان وترجمة حية لما اشتمل عليه القرآن الكريم من عقائد، أو عبادات، أو معاملات أو أخلاق، أو حدود، أو أحوال شخصية... الخ.


(١) سبق تخريجه قريباً.
(٢) الآية ٤ القلم. وينظر: أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم فى القرآن والسنة للدكتور أحمد الحداد ١/٧٨، ٧٩، وشرح الزرقانى على المواهب اللدنية ٨/٤٤٠، ٤٤١.

<<  <   >  >>