للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- وروى أن أنس بن مالك رضى الله عنه قدم من العراق، فدخل عليه أبو طلحة، وأبى بن كعب، فقرب لهما طعاماً قد مسته النار، فأكلوا منه. فقام أنس فتوضأ، فقال أبو طلحة، وأبى بن كعب: ما هذا يا أنس؟ أعراقية؟ (١) فقال أنس: ليتنى لم أفعل. وقام أبو طلحة، وأبى بن كعب، فصليا ولم يتوضآ" (٢) .

... ففى هذه الروايات ما يدل على أن الأمر فى قوله صلى الله عليه وسلم: "توضأوا مما مست النار" محمول على الاستحباب، لا على الوجوب، وهذا قول بعض العلماء الذين ذهبوا إلى الجمع بين الروايات (٣) .

... أما الجمهور من العلماء فعلى أن أحاديث الوضوء مما مست النار منسوخة برواية جابر بن عبد الله، ومحمد بن مسلمة، وغيرها من الروايات السابقة المرفوعة والموقوفة (٤) .

... فتأمل كيف كانت أهمية السيرة العطرة فى فهم حقيقة الأمر الوارد فى السنة النبوية، وأنه ليس مراداً، إذ هو محمول على الاستحباب على وجه الجمع بين الروايات – على رأى بعض العلماء – ومنسوخ على رأى الجمهور.

ب- ومثال النهى: ما ورد فى النهى عن الشرب قائماً:


(١) أى: أبا العراق استفدت هذا العلم، وتركت عمل أهل المدينة المتلقى عن النبى صلى الله عليه وسلم؟ ينظر: شرح الزرقانى على الموطأ ١/٧٨ رقم ٥٥.
(٢) أخرجه مالك فى الموطأ كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مسته النار ١/٥٤ رقم ٢٦.
(٣) ينظر: شرح الزرقانى على الموطأ ١/٧٧ رقم ٥٣، والمنهاج شرح مسلم ٢/٢٨٠ رقم ٣٥٤، وسبل السلام ١/١٠٨، وفقه السنة للشيخ سيد سابق ١/٥٦.
(٤) ينظر: المصادر السابقة، مع نيل الأوطار ١/٢٠٢، والمغنى لابن قدامه ١/١٨٧، والاعتبار للحازمى ص١٥٨.

<<  <   >  >>