للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فعن أنس بن مالك رضى الله عنه، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لو يؤاكلوها، ولم يجامعوهن فى البيوت. فسأل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، النبى صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} ...الآية (١) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شئ إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر، فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا وكذا. فلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ظننا أن قد وجد عليهما (٢) فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فأرسل فى آثارهما. فسقاهما. فعرفا أن لم يجد عليهما" (٣) .

فتأمل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شئ إلا النكاح" إنها كلمة جامعة جاءت جواباً عن موقف اليهود من المرأة الحائض، وجاءت تفسيراً وبياناً لقول رب العزة: {فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} فقوله: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} تفسير لقوله: {فاعتزلوا النساء فى المحيض} والمراد: اعتزالهن، وعدم قربانهن بالجماع مادام الحيض موجوداً (٤) .

... وهذا يعنى أن المراد بالاعتزال وعدم القران، إنما المراد به الفرج فقط، وما عدا ذلك من مؤاكلة، ومشاربة، واجتماع معهن فى البيوت، ومباشرتهن، ونحو ذلك، فهو حلال كما قال المعصوم صلى الله عليه وسلم، "اصنعوا كل شئ إلا النكاح".


(١) الآية ٢٢٢ البقرة.
(٢) يقال: وجد عليه. يجد وجداً ومواجدة أى غضب. والنهاية ٥/١٣٦.
(٣) سبق تخريجه ص٢٠٤.
(٤) ينظر: تفسير القرآن العظيم ١/٣٧٨، ٣٨٠.

<<  <   >  >>