للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن المغيرة بن شعبة قال: "ضفت (١) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة، فأتى بجنب (٢) مشوى، ثم أخذ السفرة (٣) فجعل يحز، فحز لى بها منه. قال: فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فألقى الشفرة فقال: ماله؟ تربت يداه؟ قال: وكان شاربه قد وفى (٤) فقال له: أقصه لك على سواك أو قصة على سواك" (٥) "فترب جبينه" و"تربت يداه" فى الحديثين، أصلها من ترب الرجل، إذا افتقر، أى: لصق بالتراب، وهى كلمة جارية على ألسنة العرب، لا يريدون بها الدعاء على المخاطب، ولا وقوع الأمر به، كما يقولون قاتله الله (٦) .

وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: قلت: يا رسول الله. آنؤاخذ بما نقول: قال: "ثكلتك أمك يا بن جبل، وهل يكب الناس فى النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"؟! (٧) فقوله: "ثكلتك أمك" أى فقدتك. والثكل فقد الولد، هذا أصل الكلمة فهو دعاء عليه بالموت على ظاهره، ولا يراد وقوعه، بل تأديب وتنبيه من الغفلة، لسوء قوله (٨) .


(١) أى: كنت ضيفاً عليه.
(٢) أى: قطعة من اللحم المشوى.
(٣) أى: السكين.
(٤) أى: طال وأشرف على فمه.
(٥) أخرجه الترمذى فى الشمائل المحمدية ص١٠٦ رقم ١٥٧، وأبو داود فى سننه كتاب الطهارة، باب فى ترك الوضوء مما مست النار ١/٤٨ رقم ٨٨ ورجاله كلهم ثقات – فالإسناد صحيح.
(٦) ينظر: النهاية فى غريب الحديث ١/١٨١.
(٧) أخرجه ابن أبى الدنيا فى الصمت ص٣٧ رقم ٦، والترمذى فى سننه مطولاً كتاب الإيمان، باب ما جاء فى حرمة الصلاة ٥/١٣ رقم ٢٦١٦ وقال: حسن صحيح، والنسائى فى سننه الكبرى كتاب التفسير، باب قوله تعالى: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" ٦/٤٢٨ رقم ١١٣٩٤، وابن ماجة، فى سننه كتاب الفتن، باب كف اللسان فى الفتنة ٢/٤٨٦ رقم ٣٩٧٣، وأحمد فى المسند ٥/٢٣١، ٢٣٧، والحاكم فى المستدرك ٤/٣١٩ رقم ٧٧٧٤ وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبى.
(٨) ينظر: النهاية ١/٢١٢، ومختار الصحاح ص٨٥.

<<  <   >  >>