للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...وأما القسم الثاني (فكانوا يأخذون بالأَحدث فالأَحدث من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) فإنه قولٌ مُدْرَجٌ من قول ابن شهاب الزُّهري كما جزم البخاري في الجهاد (قوله وكان ذلك آخر الأمرين) وكذلك وقعت هذه الزيادة عند مسلمٍ مُدْرَجةً. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم صام بعد هذه القصة، كما جاء في الحديث رقم ١٢ المار قبل قليل (ثم رأيتُنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر) فهذه الزيادة هي من قول الزُّهري أولاً، وقول الزُّهري ليس دليلاً، وجاء عند ابن خُزيمة (٢٠٣٥) عقب روايته للحديث (قال سفيان: لا أدري هذا من قول ابن عباس، أو من قول عُبيد الله، أو من قول الزُّهري) فهو على الشك، إضافةً إلى أن هذه الزيادة معارَضةٌ بالحديث رقم ١٢ من طريق أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه عند مسلم وغيره، فلا يُلتفت إليها.

...وأما الحديث الثالث (أولئك العصاة، أولئك العصاة) فإنه جاء في حالة مشقَّة الصيام عليهم وعند المشقة تؤخذ الرخصة، فلما رفضوا الأخذ بالرخصة وامتنعوا عن التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم عندما دعا بقدح من ماء أَمامَهم ثم شرب، فإنهم يكونون بذلك قد عصَوْا بالتمسك بالصيام في هذه الحالة وانطبق عليهم الحديث رقم ١٠ (من لم يقبل رخصة الله عزَّ وجلَّ كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة) .

...وأما الحديث الرابع (ليس من البر الصومُ في السفر) فقد بيَّنَّا قبل قليل دلالته ومعناه، فلا نعيد.

...وأما الحديث الخامس (صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر) سواء منه ما كان مرفوعاً أو موقوفاً، فهو حديث منقطع، فأبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئاً، قاله يحيى بن معين والبخاري. وسند ابن ماجة إضافةً إلى الانقطاع فيه راوٍ اسمه أسامة بن زيد، متَّفَقٌ على تضعيفه. وقال أبو إسحق: هذا الحديث ليس بشيء. فالحديث ضعيف جداً فيترك.

<<  <   >  >>