...وتسمى أيضاً صدقة الفطر، فقد جاء الاسمان في الأحاديث الشريفة، وشاع استعمالهما في كتب الفقه. وصدقة الفطر، أو زكاة الفطر هي زكاة كسائر الزَّكَوات المفروضة، فهي صنف من أصناف الزكاة، ويضعها الفقهاء في باب الزكاة، ولكنني أحببت أن أضعها في باب الصوم لتعلُّقِها به، كما وضعتُ عدداً من الأبحاث الأخرى ذات العلاقة بالصوم فيه، مع كونها توضع عادة في أبواب الفقه الأخرى، وما ذلك إلا لأنني كما عنونت الكتاب أردت جمع جميع الأحكام الخاصة بالصيام، فهذا الكتاب – الجامع لأحكام الصيام – أردته شاملاً لأحكامِ الصيام، كلِّ الأحكام، مما يساعد القارئ على استحضار هذه الأحكام كلِّها في كتاب واحد.
...وصدقة الفطر، أو زكاة الفطر، قد وردت الإشارة إليها في كتاب الله الكريم إضافةً إلى أنها مشمولة بجميع الآيات الناطقة بالزكاة، فقد روى الطبري في تفسيره (٣٠/١٥٦) عن أبي خَلْدة قال [دخلتُ على أبي العالية فقال لي: إذا غدوت غداً إلى العيد فمُرَّ بي، قال: فمررت به، فقال: هل طعِمْتَ شيئاً؟ قلت: نعم، قال: أفضتَ على نفسك من الماء؟ قلت: نعم، قال: فأَخبرني ما فعلتَ بزكاتك؟ قلت: قد وجَّهتُها، قال: إنما أردتُك لهذا ثم قرأ (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) وقال: إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضلَ منها، ومن سقاية الماء] وقال ابن قُدامة في المغني [قال سعيد بن المسيِّب وعمر بن عبد العزيز في قوله تعالى (قد أفلح من تزكَّى) هو زكاة الفطر] وقد سميت زكاةُ الفطر بهذا الاسم، لأن الفطر بعد الصوم هو السبب فيها، أو قل لأنها تجب بالفطر.