فأكرمْ بالصيامِ من عبادةٍ هذه فضائلُها. فالصوم جُنَّة، أي حفظٌ وعصمة، وهو قامعٌ للشهوة لمن لم يستطع الزواج، وهو مكفِّرٌ للذنوب عند الفتن، وهو شافعٌ مشفَّع لصاحبه يوم القيامة، وللصائمين باب الرَّيَّان، من دخله منهم لم يظمأ أبداً. ويكفي في بيان فضل الصوم ما جاء في الحديث (الحسنةُ عشرُ أمثالها إلى سبعِمائةِ ضِعف، قال الله عزَّ وجلَّ: إلا الصوم فإنه لي وأنا أَجزي به) . فلو لم يكن للصوم من حديثٍ يذكر فضله إلا هذا الحديث لكفى. فحقاً إن الصوم لا مثلَ له ولا عِدلَ له كما ورد في الحديث السادس، وليس للصيام من نتيجة تبعاً لكل ما سبق، إلا دخول الجنة كما ورد في حديث حذيفة رضي الله عنه عند البزَّار وأحمد، واستحق بصيامه أن يكرمه الله باستجابة دعائِه، كما ورد في الحديث السابع.
فضلُ رمضان:
قد وردت في فضلِ شهرِ رمضانَ الأحاديثُ التالية:
١- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول {الصلواتُ الخمسُ، والجمعةُ إلى الجمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ، مكفِّراتُ ما بينهنَّ إذا اجتَنَبَ الكبائر} رواه الإمام مسلم (٥٥٢) وأحمد. ورواه البخاري في التاريخ الكبير.
٢- وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {رَغِم أنفُ رجلٍ ذُكرتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ، وَرغِم أنفُ رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يُغفَر له، ورَغِم أنفُ رجل أدرك عنده أبواه الكبرَ، فلم يُدخلاه الجنة – قال ربعي –: ولا أعلمه إلا قد قال: أو أحدُهما} رواه الإمام أحمد (٧٤٤٤) والترمذي وابن خُزيمة والحاكم، وإسناده جيد.
٣- وعنه رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا دخل رمضان فُتحت له أبوابُ السماء، وغُلِّقتْ أبوابُ جهنم، وسُلسلت الشياطينُ} رواه البخاري (١٨٩٩) ومسلم والنَّسائي وأحمد وابن حِبَّان والدارمي، باختلافٍ في الألفاظ.