...وهنا قد تثور شبهة، هي أن الصيام إنما هو امتناع عن الأكل والشرب، أي امتناع عن تناول الغذاء، فلماذا نجيز إدخال المواد المغذية في بدن الصائم بواسطة إبرة الطبيب، ولا نعتبرها مُبْطِلة للصوم؟ أليست هذه كتلك؟
...وللرد على هذه الشبهة أقول إن الصائم يُحْظَر عليه الأكل والشرب أي يُحظَر عليه أن يفعل ما يصح إطلاقُ اسم الأكل والشرب عليه، فهذا هو ما جاء في النصوص ولم يأت نصٌّ واحد يأمر الصائم بالامتناع عن المُغَذِّيات أو عن التغذية، ولذا فإن بلع حفنةِ تراب أو حباتٍ صغيرةٍ من الحصى يُفطِّر الصائم رغم أنها لا غذاء فيها، فالعبرة هي بعملية الأكل والشرب وليس بالتغذية والغذاء، ولا شك في أن التغذية بالمواد المغذية أو بالدم عن طريق الجلد ليست أكلاً ولا شرباً قطعاً، فلا تفطِّر الصائم إذن.
...وعليه فإني أقول إن تغذية الصائم جائزة ولا تفطِّر الصائم إن هي تمَّت بغير أكل وشرب، أو بغير إدخال المواد المغذية في الجهاز الهضمي، كأن تتم التغذية بهذه المواد أو بالدم بواسطة إبرة الطبيب تُغْرَزُ في الجلد مثلاً.
الفصل التاسع: ما لا يفطِّر الصائم
الفصل التاسع
ما لا يفطِّرُ الصائم
القُبلةُ والمباشرةُ:
...ونعني بالمباشرة ملامسةَ الزوجةِ ومضاجعتَها دون إيلاج، أي دون جماع. قال الترمذي [واختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في القُبلة للصائم فرخص بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في القُبلة للشيخ ولم يُرَخِّصوا للشاب مخافةَ أن لا يَسْلَمَ له صومُه والمباشرةُ عندهم أشدُّ. وقد قال بعض أهل العلم: القُبلة تُنقِصُ الأَجر ولا تفطِّر الصائم، ورأوا أن للصائم إذا ملك نفسه أن يُقبِّل، وإذا لم يأمن على نفسه تَرَك القُبلة ليَسْلَمَ له صومُه وهو قول سفيان الثوري والشافعي] .