...ومن ذلك يظهر صواب الرأي الذي نُسب للجمهور، وهو أن الغِيبة وما ذُكر معها لا تفطِّر الصائم. وأُضيف أنا إلى هذا القولِ القولَ إن الغِيبة وما ذُكر معها تُنقِص أجر الصائم وثوابَه، ولا تُحْبِطه كلَّه كما يقول الشافعي، وإِنَّ الصائمَ ليخسرُ من أجر الصيام وثوابه بقدر ما يرتكب من معاصٍ.
...أما لماذا جاءت هذه الأحاديث بعبارة (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) ؟ فالجواب عليه هو أن القصد منها، والله أعلم، نهيُ الصائم نهياً شديداً، وتحذيرُه تحذيراً قوياً من ارتكاب معاصي الغِيبة وما ذُكر معها في أثناء الصوم. وهذه نكتة لطيفة وجليلة ينبغي لكل مسلم أن يقف عليها ويدركها.
أما هذه النكتة فهي أن الشرع عندما يأمر بعبادة من العبادات فإنه إنما يأمر بها المسلم من أجل أن يجني منها الثوابَ والأجرَ، فإن قام المسلمٌ بارتكاب معصيةٍ في أثناء هذه العبادة، فإنه بذلك يكون قد خرق القصد من عبادته، ولم يتنبه للغايةِ منها، وهو بدلاً من أن يَجْني ثواب العبادة وأجرَها يقوم بجني الآثام والسيئات، فيلغي بفعله هذا القصد من العبادة، ولذا جاء النص الشرعي يحذر المسلم من أن يحصد إثماً ومعصية في موسم حصاد الأجر والثواب، ليبقى موسمُ الأجرِ والثوابِ موسمَ أجرٍ وثوابٍ.
[الفصل العاشر: قيام رمضان وليلة القدر]
الفصل العاشر
قيامُ رمضان وليلة القدر
فضلُ قيام رمضان وليلة القدر:
ورد في فضل قيام رمضان عامةً وليلة القدر خاصةً عددٌ من الأحاديث النبوية الشريفة، أذكر منها ما يلي: