٥- إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يؤخرون السُّحور، تمسُّكاً بالمندوب وطلباً للثواب، ولم يُعرَف عنهم أنهم كانوا يأكلون سَحورهم عند منتصف الليل أو حتى بعده بساعة وساعتين كما يفعل الناس في أيامنا هذه، وقد جاء فعل الصحابة بتأخير السُّحور إلى آخر الليل امتثالاً للهَدْي النبوي الكريم، يدل على ذلك الآثار في البنود [٧ و ١٠ و ١١] بل إن الأثر في البند ١١ فيه قِسطٌ من المبالغة في تأخير السُّحور. أما أَنَّ تأخير السُّحور مندوبٌ، فلعموم الأدلة أولاً، ولقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث في البند ١٥ ثانياً (لا تزال أمتي بخير ما أخروا السُّحور وعجَّلوا الفِطر) .
٦- بقي الحديث في البند ١٢. فهذا الحديث كما يبدو لي هو ما يستنَدُ عليه الأعمش وإسحق في قولهما: إِن المتسحِّر يستمر في الأكل والشرب إلى طلوع الشمس. والصحيح هو أن هذا الحديث ليس نصّاً قاطعاً في هذا المعنى، بل إن المدقق فيه يجد أنه منسجمٌ مع سائر الأحاديث وموافقٌ لها وليس معارضاً لها، فالحديث يقول (هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع) ونحن قد قلنا عن الأحاديث المارَّة إِنها تدل على مشروعية استمرار الطعام والشرب إلى أن يحِلَّ بياضُ النهار، وأن ذلك هو الوارد في الحديث في البند ٣ (إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار) فهذا الحديث هذا منسجم تماماً مع الحديث ذاك، ولا يخالف أحدُهما الآخر.