٣- إن بلالاً رضي الله عنه كان يؤذن إذا سطع الضوء في أعلى الأفق، أي عند حلول الفجر الكاذب، أو عند ظهور بياض المستطيل نحو الأعلى، في حين أن ابن أم مكتوم كان يُؤذِّن إذا استطار البياض وملأ جانبي الأفق، أي كان معترِضاً يمنةً ويسرةً وليس ساطعاً إلى الأعلى فقط، وهو الفجر الصادق، وقد جاء الهَدْي النبوي بأن نستمر في الأكل حتى أذان ابن أم مكتوم، أي حتى يؤذِّن لصلاة الفجر وليس قبله. ونحن الآن نؤذِّن أذانين: الأول لا نصلِّي عنده، والثاني هو ما نصلي عنده، أما الأول فهو كأذان بلال، وهذا الأذان الأول لا يمنعنا من تناول سَحورنا، ولا يمنعنا منه إلا الأذان الثاني الذي هو كأذان ابن أم مكتوم، وحيث أن ما بين الأذانين هو عشر دقائق حالياً، فإن المتسحِّر يستطيع أن يتناول طعامه في هذه الدقائق العشر أي بين الأذانين، وهو أفضل الأوقات لتناول السَّحور، وقد دلَّت على ذلك الأحاديث في [٥ و ٨ و ١٣ و ١٥] ولكن لا بأس بأن يفرغ من سَحوره قبل ذلك بدقائق كما يدل عليه الحديث ١٤.
٤- وأقول لخائفٍ من تأخير السُّحور: إِنه إن سمع الأذان الثاني وكانت في يده لقمةٌ من طعام أو شربةٌ من ماء فلْيأكلْها ولْيشربْها، فإِن الأذان لا يعني الحَدِّية في التوقف عن الطعام والشراب، لا سيما وأنهم يُعجِّلون الأذان الثاني احتياطاً، وقد دلَّ على هذا الحديث في البند ٦.