...ثم مالنا نذهب بعيداً في البحث والاستدلال وعندنا الحديث الذي رواه علقمة {قلت لعائشة رضي الله تعالى عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصُّ من الأيام شيئاً؟ قالت: لا، كان عمله دِيْمَةً، وأيُّكم يُطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطيق؟} رواه البخاري (١٩٨٧) ومسلم وأبو داود وأحمد. قوله: كان عمله ديمة: أي كان صومه دائماً متواصلاً.
...وممن ذهب إلى منع إِفراد الجمعة بالصيام أحمد بن حنبل، وقسمٌ من الشافعية، وابن حزم، ورُوي ذلك عن علي وأبي هريرة وسلمان وأبي ذر رضي الله عنهم. وقال ابن حزم: لا نعلم لهم مخالفاً من الصحابة.
...وذهب أبو حنيفة ومالك وأصحابهما، والقسم الثاني من الشافعية، إلى عدم كراهة إِفراده بالصوم. وقد استدل الأحناف بحديث ابن مسعود الثامن. ونقل المُزَني عن الشافعي قوله إنه لا يُكره إلا لمن أضعفه صومه عن العبادة. وقال الداودي: لعل النهي ما بلغ مالكاً.
وذهب الجمهور إلى النهي، وإلى أن النهي للتنزيه، أي للكراهة. والصحيح هو قول الجمهور في هذه المسألة كما بيَّنَّا.