للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا إن النهي قد وقع على إِفراد يوم الجمعة بالصوم، وقلنا إن من أراد صوم هذا اليوم فلْيصم معه يوماً قبله، أو يوماً بعده، والحديث الرابع والحديث الخامس والحديث السابع والحديث العاشر هي أدلة على هذا الحكم، وهي واضحة الدلالة. ونقول أيضاً إن الحديث السادس يدل على الحكم هذا، فجُوَيرِية رضي الله عنها كانت صائمة يوم الجمعة، فأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يَعْلم إِن كانت قد أفردت الجمعة بالصوم أو أنها صامت الخميس قبله بقوله (أَصُمتِ أمسِ؟) فلما علم أنها لم تكن صامت الخميس، سألها إن كانت تنوي صيام السبت بعد الجمعة بقوله (تريدين أن تصومي غداً؟) فلما علم أنها لا تريد صوم السبت، وأنها بالتالي تكون قد أفردت الجمعة بالصوم أمرها أن تفطر، بمعنى أنه نهاها عن إِفراد الجمعة بالصوم. أما حديث ابن مسعود الثامن فيُحمل على أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم الجمعة مع ما قبله أو مع ما بعده، وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان كثير الصيام، فإن صيام الجمعة كان يدخل في صيامه ولا يدل الحديث على أنه عليه الصلاة والسلام كان يُفْرِد الجمعة بالصيام. وأما الحديث التاسع، فلا شك في أن النهي الوارد فيه ينسحب على إِفراد الجمعة بالصوم، ونكون بهذا الفهم قد أَعْمَلنا جميع الأحاديث، وأزلنا ما يبدو عليها من تعارض في الظاهر.

وعليه فإني أقول إن صيام التطوع يصح في أي يوم من أيام الأسبوع دون شروط، باستثناء يومي الجمعة والسبت، فإن صيامهما مشروط بعدم إِفرادهما بالصوم وينتفي الإِفراد بصوم يومٍ قبلهما أو يومٍ بعدهما معهما.

<<  <   >  >>