للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...الحديث الأول (قاء فأفطر) فسَّره الحديث الثاني (استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر) وليس أصح من تفسير الحديث بالحديث. فيكون معنى قاء في الحديث الأول: استقاء، أي قاء بإرادته، وكون هذين الحديثين يذكران أن من قاء بإرادته أفطر، فإنهما يعنيان بالضرورة المؤكدة أن عليه القضاء، وجاء الحديث الثالث يؤكد هذا الحكم (وإن استقاء فليقضِ) ومِن قبله حديث ابن عمر عند البيهقي المار قبل قليل (ومن استقاء فعليه القضاء) ولا يمنع تضعيف البخاري وأحمد لحديث أبي هريرة من الاستدلال به، لأن غيرهما قد صحَّحوه أو حسَّنوه أولاً، ولأن معناه ولفظه لم يعارضهما معنى ولفظُ حديث أصحَّ منه ثانياً، ولأن هذا الحديث قد عضده ودعمه حديث آخر هو حديث ابن عمر ثالثاً، ولهذا فإن الاحتجاج به صحيح وسليم لا غبار عليه. فالمتقيء عمداً يجب عليه القضاء، والقضاء فقط دون الكفَّارة، لأن النصوص قد رتبت على المتقيء عمداً القضاء، ولم يَرِدْ للكفَّارة ذِكرٌ هنا.

٤ - قضاءُ الصوم على من أفطر قبل الغروب ظاناً أن الشمس قد غربت:

ذهب مجاهد بن جبر والحسن البصري وإسحق بن راهُويه، وأحمد بن حنبل في رواية، وابن خُزيمة إلى عدم القضاء على من أفطر قبل الغروب، وهو يظن أن الشمس قد غربت، مُسْتدلِّين بما روى زيد بن وهب قال {أُخرِجتْ عِساسٌ من بيت حفصة، وعلى السماء سحابٌ، فظنوا أن الشمس قد غابت، فأفطروا، فلم يلبثوا أن تجلَّى السحابُ، فإذا الشمس طالعة، فقال عمر: ما تجانفنا من إثم} رواه ابن أبي شيبة (٢/٤٤٠-٤٤١) والبيهقي. ورواه عبد الرزاق (٧٣٩٥) ولفظه {... وقالوا: نقضي هذا اليوم، فقال عمر: ولِمَ؟ فوالله ما تجنَّفنا لإثم} والعِساس: جمع عُسٍّ، وهو القدح والإِناء الضخم.

<<  <   >  >>